للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث والثمانون: أنه نهى عن البَوْل في الماء الدائم (١)، وما ذاك إلا لأن (٢) تواتر البول فيه ذريعة إلى تنجيسه، وعلى هذا فلا فرق بين القليل والكثير وبول الواحد والعدد، وهذا أولى من تفسيره (٣) بما دون القلتين أو بما يمكن نزحه؛ فإن الشارع الحكيم لا يأذن للناس أن يبولوا في المياه الدائمة إذا جاوزت القلتين أو لم يمكن نزحها، فإن في ذلك من إفساد مياه الناس ومواردهم ما لا تأتي به شريعة، فحكمة شريعته (٤) اقتضت المنع من البول فيه قلَّ أو كثر سدًا لذريعة إفساده.

الوجه الرابع والثمانون: أنه نهى أن يُسافر بالقرآن إلى أرض العدو (٥)؛ فإنه ذريعة إلى أن تناله أيديهم كما علل به في نفس الحديث (٦).

الوجه الخامس والثمانون: أنه نهى عن الاحتكار، وقال: "لا يحتكر إلا خاطئ" (٧) فإنه ذريعة إلى أن يضيق على الناس أقواتهم، ولهذا لا يمنع من احتكار ما لا يضرُّ الناس (٨).

الوجه السادس والثمانون: أنه نهى عن بيع فَضْل الماء (٩)؛ لئلا يكون ذريعة


(١) رواه البخاري (٢٣٨) في (الوضوء): باب البول في الماء الدائم، ومسلم (٢٨٢) في (الطهارة): باب النهي عن البول في الماء الراكد، من حديث أبي هريرة.
(٢) في (د): "أن".
(٣) في (ن) و (ق) و (ك): "من تقييده".
(٤) في (ق): "الشريعة".
(٥) رواه البخاري (٢٩٩٠) في (الجهاد): باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، ومسلم (١٨٦٩) في (الإمارة): باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم، من حديث ابن عمر.
وانظره في: "تالي تلخيص المتشابه" (٣٤٦)، و"جزء القاضي الأشناني" (٢) وتعليقي عليهما.
(٦) وجاء هذا الوجه في (ق) و (ن) مكان الوجه العاشر.
(٧) رواه مسلم (١٦٠٥) في (المساقاة): باب تحريم الاحتكار في الأقوات، من حديث معمر بن عبد اللَّه بن نضلة.
(٨) انظر: "الطرق الحكمية" (ص ٢٧٩ - ٢٨٠)، و"بدائع الفوائد" (٤/ ٤٩، ٩٤)، في (ق) و (ك): "بالناس"، وجاء هذا الوجه مكان الوجه الثاني والثمانين من (ق) و (ن).
(٩) رواه البخاري (٢٣٥٣ و ٢٣٥٤) في (الحرث والمزارعة): باب من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروي، و (٦٩٦٢) في (الحيل): باب ما يكره من الاحتيال، ومسلم (١٥٦٦) في (المساقاة): باب تحريم فضل بغ الماء الذي يكون بالفلاة، من حديث أبي هريرة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>