للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة" (١).

قلت: وقد قاله (٢) أبو عمر بن عبد البر في أول "استذكاره" (٣).

قال شيخ الإسلام (٤): "وهذا باب واسع لا يُحصى، مع أن ذلك لا يغضُّ من أقدارهم، ولا يسوغ اتباعهم فيها، [كما] (٥) قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، قال مجاهد (٦) والحكم بن عُتيبة (٧) ومالك (٨) وغيرهم (٩): ليس أحد من خَلْق اللَّه إلا يُؤخذ من قوله وبترك إلا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال سليمان التيمي: إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشرُّ كله (١٠)، قال ابن عبد البر (١١): هذا إجماع لا أعلم فيه خلافًا، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه في هذا المعنى ما ينبغي تأمله، فروى كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المُزنيّ، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إني لأخاف (١٢) على أمتي من بعدي من أعمالٍ ثلاثة، قالوا: وما هي يا رسول اللَّه؛ قال: إني أخاف عليهم من زلَّةِ العالم، ومن


(١) انظر: "بيان الدليل" (ص ٢٠٤ - ٢٠٥).
(٢) كذا في (ن) و (ك)، وفي غيره: "قال"، وكذا علق (ط): "هنا بياض في كل الأصول التي بين أيدينا" ونحوه في (د)، و (و)، و (ح)!
(٣) وقد أفرد هذا البحث شيخ الإسلام في رسالة سماها: "رفع الملام" (ح).
قلت: وقول ابن عبد البر الذي أشار إليه المصنف هو: "وقد جاز على كثير منهم -أي العلماء- جهل كثير من السنن الواردة على ألسنة خاصة العلماء، ولا أعلم أحدًا من الصحابة إلا وقد شذ عنه بين علم الخاصة واردة بنقل الآحاد أشياء حفظها غيره، وذلك على من بعدهم أجوز، والإحاطة ممتنعة على كل أحد".
انظره في "الاستذكار" (١/ ٣٦، ط المصرية و ١/ ١٨٨ رقم ٨٤، ط قلعجي).
(٤) في "بيان الدليل" (ص ٢٠٥).
(٥) ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(٦) أسنده عنه أبو نعيم (٣/ ٣٠٠)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١/ ١٧٦)، وابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٨٥٧)، وابن عبد البر في "الجامع" (١٧٦٢ - ١٧٩٥)، وإسناده صحيح.
(٧) أسنده عنه ابن عبد البر (١٧٦١)، وابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٨٨٣)، وإسناده صحيح، وفي (ك): "عتبة".
(٨) ذكرها أحمد في "مسائل أبي داود" (ص ٢٧٦)، وصححها ابن ناصر الدين في "إتحاف السالك" (ق ٢٢٧/ أ).
(٩) كابن عباس والشعبي، كما بيّنته في تعليقي على "الموافقات" (٥/ ١٣٥) والحمد للَّه.
(١٠) مضى تخريجه قريبًا.
(١١) في "جامع بيان العلم" (٢/ ٨٢٧).
(١٢) في (ك): "لا أخاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>