للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظواهر والأقيسة على وجه يقف المجتهد في أكثر المواضع حتى لا يبقى للظنِّ رجحان بيِّن، لا سيما إذا اختلف الفقهاء؛ فإن عقولهم من أكمل العقول وأوفرها (١) فإذا تلدَّدوا (٢) وتوقفوا ولم يتقدموا ولم يتأخروا لم يكن [ذلك] (٣) في المسألة طريقة واضحة ولا حجة لائحة، فإذا وجد فيها قول لأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[ورضي اللَّه عنهم] (٣) الذين هم سادات الأمة، وقدوة الأئمة، وأعلم الناس بكتاب ربهم [تعالى] (٣) وسنة نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل ونسبة من بعدهم في العلم إليهم كنسبتهم إليهم في الفضل والدين كان الظن والحالة هذه بأن الصواب في جهتهم والحق في جانبهم (٤) من أقوى الظنون (٥) وهو أقوى من [الظن] (٦) المستفاد من كثير [من] (٣) الأقيسة، هذا ما لا يمتري فيه عاقل منصف، وكان الرأي الذي يوافق رأيهم هو الرأي السداد [الرأي] الذي لا رأي سواه، وإذا كان المطلوب في الحادثة إنما هو ظن راجح ولو استند إلى استصحاب أو قياس علة أو دلالة أو شبه (٧) أو عموم مخصوص أو محفوظ مطلق أو وارد على سبب (٨)، فلا شك أن الظن الذي يحصل لنا بقول الصحابي الذي لم يخالف أرجح من كثير من الظنون المستندة إلى هذه الأمور أو أكثرها، وحصول الظن الغالب في القلب ضروري (٩) كحصول الأمور الوجدانية، ولا يخفى على العالم أمثلة ذلك.

الوجه الثالث والأربعون: أن الصحابي إذا قال قولًا أو حكم بحكم (١٠) أو


(١) في (ق): "من أكمل العقول وأوفاها".
(٢) تحيروا وتلفتوا يمينًا وشمالًا بحثًا عن بينة أو دلالة (س).
وقال (و): "تلفت يمينًا وشمالًا أو تحير".
قلت: وانظر: "لسان العرب" (٣/ ٣٩٠) مادة "لدد" - ط دار الفكر).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وما بين المعقوفتين بعدها من (ق) فقط.
(٤) في (ق): "من جانبهم".
(٥) وهو ظن راجح يدخل في معنى العلم المتعبد به (س).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٧) جاء في النص "أو دلالة أو شبه" وحذف (أو) أليق بما قبلها (س).
(٨) يراد به العام الذي يحتمل التخصيص بسببه ظاهرًا في التخصيص (س).
(٩) أي أن التحقق من وجوه الظن الغالب أمر يعلمه الإنسان من نفسه ويدركه ولا يغيب عن معرفته وإحساسه (س).
(١٠) في (ك): "حكمًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>