للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في [حكمه في] (١) الاستدلال به والاحتجاج، لا أنه (٢) إذا قال الصحابي في الآية قولًا فلنا أن نقول: هذا القول قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)، وله وجه آخر، وهو أن يكون في حكم المرفوع بمعنى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين لهم معاني القرآن وفسّره لهم (٤) كما وصفه اللَّه سبحانه (٥) بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [لنحل: ٤٤] فبين لهم القرآن بيانًا شافيًا كافيًا، وكان إذا أشكل على أحد منهم معنًى سأله عنه فأوضحه [له] (٦) كما سأله الصِّدِّيق عن قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣] فبيَّن له المراد (٧)، وكما سأله الصحابة عن قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] فبيَّن لهم معناها (٨)، وكما سألته أم سلمة عن قوله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: ٨] فبين لها أنه العرض (٩)، وكما سأله عمر عن الكلالة [فأحاله على] آية الصَّيف التي في آخر السورة (١٠)، وهذا كثير جدًا، فإذا نقلوا لنا تفسير القرآن


= ذلك مستفادًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن القواعد، فلا يجزم برفعه، وكذا إذا فسر مفردًا، فهذا نقل عن اللسان خاصة، فلا يجزم برفعه، وهذا التحرير هو معتمد خلق كثير من كبار الأئمة، كصاحبي "الصحيح" والإمام الشافعي، والطبري، والطحاوي، وابن مردويه، والبيهقي وابن عبد البر في آخرين، ونقل مذهب الحاكم: العراقي في "شرح ألفيته" (١/ ١٣٢) وابن حجر في "النكت على كتاب ابن الصلاح" (٢/ ٥٣١) وتعقبه بما ذكرناه، واللَّه الموفق.
(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "حكم".
(٢) قال (د): "في نسخة: "لأنه إذا. . . إلخ ""، وفي (ق): "والاحتجاج به لا أنه".
(٣) ذكر الشيخ القاسمي رحمه اللَّه في "محاسن التأويل" أن الحاكم قيد في "علوم الحديث" ما أطلقه في "المستدرك" فقال: "ومن الموقوفات: تفسير الصحابة، وأما من يقول إن تفسير الصحابة مسند، فإنما يقوله فيما فيه سبب النزول"، انظر: "محاسن التأويل" (١/ ٧)، وهذا هو الأقرب فإن إطلاق القول الأول بالفرق بين تفسير الصحابي، والتفسير المأثور عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (س).
(٤) في (ق): "وميزه لهم".
(٥) في المطبوع: "كما وصفه تعالى".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) سبق تخريجه.
(٨) سبق تخريجه.
(٩) روى ذلك البخاري (١٠٣) في (العلم): باب من سمع شيئًا فراجع حتى يعرفه، و (٤٩٣٩) في تفسير سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، و (٦٥٣٦ و ٦٥٣٧) في (الرقاق): باب من نوقش الحساب عذب، ومسلم (٢٨٧٦) في (الجنة وصفة نعيمها): باب إثبات الحساب، من حديث عائشة، وليس من حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنها-، وقد ذكر ذلك في الهامش (ق) فقال: "الذي في "الصحيح" أن السائلة عائشة -رضي اللَّه عنها-".
(١٠) رواه مسلم (١٦١٧) في (الفرائض): باب ميراث الكلالة، من حديث عمر بن الخطاب، وبدل ما بين المعقوفتين في (ك): "فأجابه عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>