للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظير هذا ما لو وقف وقفًا يتصدَّق به عند القبر، كما يفعل (١) كثير من الجهال، فإن في ذلك من تعنية الفقير وإتعابه وإزعاجه من موضعه إلى الجبَّانة في حال الحر والبرد والضعف حتى يأخذ تلك الصدقة عند القبر مما لعله (٢) أن يحبط أجرها ويمنع (٣) انعقاده بالكلية.

ومن هذا لو شرط واقف الخانقاه وغيرها على أهلها أن لا يشتغلوا بكتابة العلم وسماع الحديث والاشتغال بالفقه، فإن هذا شرط باطل مضاد لدين الإسلام لا يحل تنفيذه، ولا التزامه، ولا يستحق من قام به شيئًا من [هذا] (٤) الوقف، فإن مضمون هذا الشرط أن الوقف المعيَّن إنما يستحقه من ترك ما يجب عليه من العلم النافع وجهل أمر اللَّه ورسوله ودينه (٥)، و [جهل] (٦) أسماءه وصفاته وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأحكام الثواب والعقاب، ولا ريب أن هذا الصنف [من] شرار خلق اللَّه وأمقتهم (٧) عند اللَّه ورسوله وهم خاصة الشيطان وأولياؤه وحزبه {أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة: ١٩].

ومن ذلك أن يشترط الواقف أن لا يقرأ في ذلك المكان شيء من آيات الصفات وأحاديث الصفات، كما أمر به بعض [أعداء اللَّه] (٨) من الجهمية لبعض الملوك، وقد وقف مسجدًا للَّه تعالى، ومضمون هذا الشرط المضاد لما بعث اللَّه به رسوله أن تُعطَّل أكثرُ آيات القرآن عن التلاوة والتَّدبُّر والتَّفهُّم (٩)، وكثير من السنة أو أكثرها [عن] (٤) أن تُذكر أو تُروى أو تُسمع أو يُهتدى بها ويُقام سوق التجهم والكلام المبتدع [المذموم] (١٠) الذي هو كفيل بالبدع والضلالة والشك والحيرة (١١).

ومن ذلك أيضًا أن يقف مكانًا أو مسجدًا أو مدرسة أو رباطًا على طائفة معينة [من الناس] (١٢) دون غيرهم كالعجم مثلًا أو الروم أو الترك أو غيرهم،


(١) في (ق): "يفعله".
(٢) في (ق): "ما لعله".
(٣) في (ق): "أو يمنع".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ت): "أمر اللَّه ودينه ورسوله"، وفي (ك): "أمر اللَّه ورسوله".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٧) في (ق): "وأبغضهم"، وما بين المعقوفتين سقط منها.
(٨) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "أعداءه".
(٩) في (ق): "والتفهم والتدبر"، بتقديم وتأخير.
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(١١) في (ق): "والضلال والحيرة".
(١٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>