للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من أبطل الشروط؛ [فإن مضمونه] (١) أن أقارب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذرية المهاجرين والأنصار لا يحل لهم أن يصلّوا في هذا المسجد، ولا ينزلوا في هذا الرباط أو المدرسة أو الخانقاه (٢)، بل لو أمكن أن يكون أبو بكر وعمر وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان -رضي اللَّه عنهم- بين أظهرنا حرم عليهم النزول بهذا المكان الموقوف.

وهذه الشروط والاشتغال بها والاعتداد بها من أسمج الهذيان، ولا تصدر من قلب طاهر ولا ينفذها من شم روائح العلم الذي بعث اللَّه به رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وكذلك لو شرط أن يكون المقيمون بهذه الأمكنة طائفة من أهل البدع، كالشيعة والخوارج والمعتزلة والجهمية (٣) والمبتدعين في أعمالهم، كأصحاب الإشارات، واللاذن، والشير (٤)، والتغبير (٥) وأكل الحيَّات وأصحاب النار وأشباه الذئاب المشتغلين بالأكل والشرب والرقص لم يصح هذا الشرط، وكان غيرهم أحق بالمكان منهم وشروط اللَّه أحق.

فهذه الشروط [وأضعافها] (٦) وأضعاف أضعافها من باب التعاون على الإثم والعدوان واللَّه تعالى إنما أمر بالتعاون على البر والتقوى، وهو ما شرعه على لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دون ما لم يشرعه فكيف بما شُرع (٧) خلافه؟! والوقف إنما يصح على القُرَب والطاعات، [ولا فرق] (٦) في ذلك بين مصرفه وجهته وشرطه (٨)، فإن الشرط صفة وحال في الجهة [والمصرف] (٦) فإذا اشترط (٨) أن يكون [المصرف] (٩) قربة وطاعة فالشرط كذلك، ولا يقتضي الفقه إلا هذا، ولا


(١) في (ق): "فمضمونه".
(٢) في (ق): "والمدرسة والخانقات".
(٣) في (ق): "والجهمية والمعتزلة".
(٤) "الشير" مستحضر الحشيشة، و"شيرى" (قنباص) الصوف، انظر: "تكملة المعاجم العربية" (٦/ ٣٩٦) وفي (ق): "واللاذن والنبر".
(٥) التغبير: تطريب الشعر الذي فيه ذكر اللَّه، وعقد الخلال في كتابه "الأمر بالمعروف" (ص ٩٧ - ٩٩ بضخقيقي) فصلًا في ذكر التغبير، وذكر كراهة أحمد لذلك في تسعة آثار، وممن نص على بدعيته: ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص ٢٣٠) والسيوطي في "الأمر بالاتباع" (ص ١١١ - بتجقيقي)، والذي أثبتناه من (ق) و (ك)، وفي سائر النسخ: "والعنبر"!!
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في (ت): "بما شرعه".
(٨) قال في هامش (ق): "قال في الفروع" [٤/ ٦٠٠]: "لا. . . [يتعين] طائفة وقف عليها مسجدًا، أو مقبرة، كالصلاة فيه"، وفيها: "شرط" بدل "اشترط".
(٩) في (ت) و (ك): "المصروف"، وقد سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>