للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنكار، وقال: مقصود الفقهاء بذلك أن كونه من أهل الذمة ليس مانعًا من صحة الوقف عليه بالقرابة (١) أو بالتعيين وليس مقصودهم أن الكفر باللَّه ورسوله وعبادة الصليب (٢) وقولهم: إن المسيح ابن اللَّه شرط لاستحقاق الوقف حتى أن مَنْ آمن باللَّه ورسوله واتّبع دين الإسلام لم يحل له أن يتناول بعد ذلك من الوقف فيكون حل تناوله مشروطًا بتكذيب اللَّه ورسوله والكفر بدين الإسلام، ففرق (٣) بين كون وصف الذمة مانعًا من صحة الوقف وبين كونه مقتضيًا، فغلظ طبع هذا المفتي وكثف فهمه وغلظ حجابه [عن] (٤) ذلك [ولم يميز] (٤).

ونظير هذا أن يقف على الأغنياء، فهذا يصح إذا كان الموقوف عليه غنيًا أو ذا قرابة (٥)، فلا يكون الغنى مانعًا، ولا يصح أن يكون جهة الاستحقاق هو الغنى فيستحق ما دام غنيًا فإذا افتقر واضطر إلى ما يقيم أوَدَه حرم عليه تناول الوقف، فهذا لا يقوله إلا مَنْ حُرم التّوفيق وصَحِبه الخُذْلان، ولو رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[أحدًا] (٤) من الأمة (٦) يفعل [لك] (٤) لاشتدَّ إنكاره وغضبه [عليه، ولما أقره ألبتة] (٤)، وكذلك لو رأى رجلًا من أمته قد وقف على من يكون من [الرجال] (٤) عزبًا غير متأهل، فإذا تأهّل حرم عليه تناول الوقف لاشتد غضبه ونكيره (٧) عليه، بل دينه يخالف هذا، فإنه [كان] (٤) إذا جاءه مال أعطى العزب حظًا وأعطى الآهل حظين (٨)، وأخبر أن ثلاثة حق على اللَّه عونهم [فذكر منهم] (٤): الناكح يريد العفاف (٩).


(١) في (ت): " بالقران".
(٢) في المطبوع و (ت) و (ك): "وعبادة الصليب".
(٣) في (ت) و (ق) و (ك): "فالفرق".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) في (ت) و (ق) و (ك): "الموقوف عليه معينًا أو قرابة".
(٦) في المطبوع و (ت): "الأئمة"، وأشار في هامش (ت) إلى أنه في نسخة: "الأمة"، ولعله الصواب، وما بعدها في (ق): "يفعله".
(٧) في (ق): "وأنكره".
(٨) أخرج ابن أبي شيبة (١٢/ ٣٤٨)، وأحمد (٦/ ٢٥ - ٢٦، ٢٩)، وأبو داود (٢٩٥٣)، وابن الجارود في "المنتقى" (١١١٢)، والطبراني في "الكبير" (١٨/ رقم ٨٠، ٨١، ٨٢)، وابن حبان في "الصحيح" (٤٨١٦ - "الإحسان")، والحاكم (٢/ ١٤٠ - ١٤١)، والبيهقي (٦/ ٣٤٦)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ١٥٢) عن عوف بن مالك قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى الآهل حَظَّيْن، وأعطى العزب حظًا. وإسناده صحيح، وعزاه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٥٨٤) إلى أحمد في رواية أبي طالب، وقال: "حديث حسن" وخرجته بتفصيل في تعليقي على "الحنائيات" يسر اللَّه نشره بمنّه وكرمه.
(٩) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>