للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها ويذهل عن (١) المسئول عنه [منها] (٢) فيجيب بغير الصواب، وتارة تُورد عليه المسألة الباطلة في دين اللَّه في قالبٍ مُزخرف ولفظ حسنٍ، فيبادر (٣) إلى تسويغها وهي من أبطل الباطل، وتارة بالعكس.

فلا إله إلا اللَّه، كم هاهنا من مزلّة أقدام، ومحل (٤) أوهام، وما دعا محقٍّ إلى حق إلا أخرجه الشيطان على لسان أخيه ووليه من الإنس في قالب تنفر عنه خفافيشُ البصائر وضعفاء العقول، وهم أكثر الناس، وما حذر أحد من باطل إلا أخرجه الشيطان على لسان وليه من الإنس في قالب [مزيَّف] (٥) مزخرف يستخفُّ به عقولَ ذلك الضرب من الناس فيستجيبون له، وأكثرُ الناس نظرهم قاصر على الصور لا يتجاوزها (٦)، إلى الحقائق فهم محبوسون في سجن الألفاظ، مقيَّدون بقيود العبارات، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ] (٧) فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام: ١١٢ - ١١٣].

وأذكر لك من هذا مثالًا (٨) وقع في زماننا، وهو أن السلطان أمر أن يلزم أهل الذمة بتغيير (٩) عمائمهم، وأن تكون خلاف ألوان عمائم المسلمين فقامت لذلك قيامتهم وعظم عليهم، وكان في ذلك من المصالح وإعزاز الإِسلام (١٠) وإذلال الكفرة (١١) ما قرَّت به عيون المسلمين فألقى الشيطان على ألسنة أوليائه وإخوانه أن صوَّروا فتيا يتوصلون بها إلى إزالة هذا الغيار (١٢)، وهي: ما تقول السادة العلماء في قوم من أهل الذمة أُلزموا بلباس غير لباسهم المعتاد، وزي غير زيهم المألوف، فحصل لهم بذلك ضرر عظيم في الطرقات والفلوات وتجرأ عليهم بسببه السفهاء والرعاع (١٣) وآذوهم غاية الأذى فطمع بذلك في إهانتهم والتعدي


(١) في (ت): "ويسد عنه"، وفي (ق) و (ك): "ويشذ عنه".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في المطبوع: "فيتبادر".
(٤) في المطبوع: "ومجال".
(٥) ما بين المعقوفتين من (ت)، وهو المثبت في (ق) بدل كلمة "مزخرف".
(٦) في المطبوع: "لا يتجاوزونها".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) (ق): "مثلًا".
(٩) في (ق): "أن يغيروا".
(١٠) (ق): "والإعزاز للإسلام".
(١١) في المطبوع: "الكفر".
(١٢) كذا في (ق): وهو الصواب، وفي سائر النسخ: "الغبار".
(١٣) المطبوع و (ت): "الرعاة"، وفي (ك): "والذعار".

<<  <  ج: ص:  >  >>