للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم-[أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب [كرم اللَّه وجهه]؛ عن يوم الحج الأَكبر؟ فقال: "يوم النحر" (١)، ذكره الترمذي، وعند أبي داود بإسناد صحيح أَن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها، فقال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم النحر، فقال: هذا يوم الحج الأكبر"، وقد قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}، وإنما أذَّن المؤذن بهذه البراءة يوم النحر (٢)، وثبت في "الصحيح" عن أبي هريرة أنه قال: يوم الحج الأكبر يوم النحر (٣).

وأفتى -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه بجواز فسخهم الحج إلى العمرة، ثم أَفتاهم باستحبابه، ثم أفتاهم بفعله حتمًا، ولم ينسخه شيء بعده (٤)، والذي (٥) ندين اللَّه به أَنَّ القول بوجوبه أَقوى وأَصح من القول بالمنع منه، وقد صح عنه صحة لا شك فيها أنه قال: "من لم يكن أهدى فليهل بعمرة، ومن كان أهدى فليهل بحج مع عمرة" (٦)، وأما ما فعله هو، فإنه صح عنه أنه قرن بين الحج والعمرة من بضعة وعشرين


(١) مضى تخريجه، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٢) مضى تخريجه.
(٣) رواه البخاري (٣١٧٧) في (الجزية): باب كيف ينبذ إلى أهل العهد، ومسلم (١٣٤٧) في (الحج): باب لا يحج البيت مشرك.
وانظر: "زاد المعاد" (١/ ١٠ و ٣/ ٢٦)، و"تهذيب السنن" (٢/ ٤٠٦).
(٤) افتاؤه -صلى اللَّه عليه وسلم- بجواز فسخ الحج إلى العمرة، وارد في حديث عائشة الذي رواه مسلم (١٢١١) بعد (١١٤) ولفظه: "من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد بعمرة فليهل"، وأما افتاؤه باستحباب التمتع، فقد رواه البخاري (١٥٦٠)، ومسلم (١٢١١) بعد (١٢٣) من حديث عائشة أيضًا وفيه: فخرج إلى أصحابه فقال: "من لم يكن منكم معه هدي، فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه الهدي فلا".
وأما الأمر بالتمتع فثابت أيضًا في حديثها، رواه البخاري (١٥٦١)، ومسلم (١٢١١) (١٢٠) و (١٢٨) قالت: "فلما قدمنا تطوفنا بالبيت فأمر -صلى اللَّه عليه وسلم- من لم يكن ساق الهدي أن يحل".
(٥) في المطبوع: "وهو الذي" والمثبت من (ك).
(٦) بهذا اللفظ لم أجده، وبمعناه رواه البخاري (١٦٩١) في (الحج): باب من ساق البدن معه، ومسلم (١٢٢٧) في (الحج): باب وجوب الدم على المتمتع، وأبو داود (١٨٠٥) في (المناسك): باب في الأقران من حديث ابن عمر ولفظه: "من كان منكم أهدى فإنه لا يحل له من شيء حرم منه حتى يقضى حجه، ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر. . . "

<<  <  ج: ص:  >  >>