للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض الأنصار، فقالوا: قد كان لنا جملٌ نسير (١) عليه، وإنه قد استصعب علينا، ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل فقال لأصحابه: قوموا. فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه، فقالت الأنصار: يا نبي اللَّه، إنه قد صار مثل الكَلْب الكَلِبِ، وإنَّا نخاف عليك صولته، فقال: "ليس عليَّ منه بأس" فلمَّا نظر الجمل إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقبل نحوه حتى خرَّ ساجدًا بين يديه، فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بناصيته أَذل ما كان قط حتى أدخله في العمل فقال له الصحابة: يا نبي اللَّه هذا بهيمة لا تعقل، تسجد لك ونحن نعقل، فنحن أحق أن نسجد لك، فقال: "لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عِظَمِ حقِّه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه تتبجّس (٢) بالقيح والصديد، ثم استقبلته تلحسه ما أدت حقه" (٣)، ذكره أحمد، فأخذ المشركون مع مريديهم بسجود الجمل


(١) رواية "المسند": "كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يَسْنُون عليه" ومعنى "يسنون عليه" يستقون عليه بالسانية، والسانية هنا: الغرب. وهو الدلو الكبير، وحاصله أنهم يخرجون الماء من البئر بالدلو الكبير، ويجرُّ هذا الدّلو جمل مربوط به، ووقع في جميع الأصول والنسخ المطبوعة: "نسير"!!
(٢) في مطبوع "المسند": "ننجبس" والمثبت منه (٢٠/ ٦٥ - ط. مؤسسة الرسالة)، ومن (ك)، وفي سائر النسخ: "يتنجس"! وقال (د): "وربما قرئت بتبجس".
(٣) رواه أحمد (٣/ ١٥٨)، -ومن طريقه الضياء في "المختارة" (١٨٩٥) - والنسائي في "عشرة النساء" (٢٦٥ - آخره فقط) أو "الكبرى" (٩١٤٧)، والبزار (٢٤٥٤)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (رقم ٢٨٧) من طرق عن خلف بن خليفة عن حفص بن أخي أنس، عن أنس به.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٩/ ٤): رواه أحمد والبزار ورجاله ثقات رجال الصحيح غير حفص ابن أخي أنس وهو ثقة.
وقال المنذري: "رواه أحمد بإسناد جيد، رواته ثقات مشهورون والبزار بنحوه".
قال شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- في "الإرواء" (٧/ ٥٥): وهو كما قالا -أي الهيثمي والمنذري- لولا أن خلف بن خليفة -وهو من رجال مسلم وشيخ أحمد فيه، وكان اختلط، فلعل أحمد سمع منه قبل اختلاطه.
أقول: نعم خلف تغير في آخر عمره، واختلط قال أحمد بن حنبل: دخلت عليه فرأيته قد اختلط -أي خلف- فلم أسمع منه، لكن أحمد هنا لا يروي عن خلف مباشرة كما قال شيخنا، وهو كذلك في مطبوع "المسند" ولكن بينهما (حسين) كما في "إتحاف المهرة" (١/ ٦٠١) و (٢٠/ ٦٤ - ط. مؤسسة الرسالة).
وحسين المروذي روى عنه بعد اختلاطه وقد انفرد بقوله: "والذي نفسي بيده لو كان قدمه. . . " فالحديث صحيح دونها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>