وقال ابن عدي: روى ما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه وإن كان فيه بعض الضعف. أقول: ومسلم إنما ساق حديث ماعز من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، وليس فيه ذكر الحفر لماعز. ثم ساق طريق بشير هذا عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه فذكر الحفر فيكون بشير قد خالف في هذا من هو أوثق منه، ومسلم إنما ساق حديثه في المتابعات. وقد روى أبو سعيد الخدري حديث الرجم -وقد تقدم قريبًا- وفيه: قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له، وحديث أبي سعيد هذا عند الإمام مسلم أيضًا (رقم ١٦٩٤) ورواته ثقات مشاهير لم يُتكلَّم في واحد منهم كما تكلم في بشير هذا. ومما يؤيد عدم الحفر ما ورد في حديث أبي هريرة -وقد تقدم- فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اذهبوا به فارجموه، فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب، فادركناه بالحرة فرجمناه". فرجمهم إياه بالمصلى وهروبه فيها دليل على أنه لم يحفر له، واللَّه أعلم. وأما البيهقي -رحمه اللَّه- فكأنه يميل إلى الحفر، فينه لما ذكر حديث أبي سعيد في عدم الحفر أتبعه بذكر حديث بريدة، ثم ذكر شاهدين في الحفر للمرأة (٨/ ٢٢١). لكن حديث بريدة عرفت ما فيه، والحفر للمرأة لا يدل على الحفر للرجل، وحديث أبي سعيد أقوى وأنظف إسنادًا واللَّه أعلم. (٢) رواه مسلم (١٦٩٥) بعد (٢٣) في (الحدود): باب من اعترف على نفسه بالزنا من حديث بريدة.