للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخفف شرها، وإذا عرض على مَنْ وفَّقه اللَّه وبَصَّره بالهدى ووَفَقَّهه في دينه مسألة كون الثلاث واحدة ومسألة التحليل ووَازَنَ بينهما تبيَّن له التفاوتُ، وعلم أيَّ المسألتين أولى بالدين وأصلح للمسلمين.

فهذه حجج المسألتين قد عرضت عليك، وقد أُهديت -إنْ قبلتها- إليك، وما أظن عَمَى التقليد إلا يزيد الأمر على ما هو عليه، ولا تدع التوفيق يقودك اختيارًا إليه، وإنما أشرنا إلى المسألتين إشارة تُطلع العالم على ما وراءها، وباللَّه التوفيق".

وقد أحسن الشاعر الشهير معروف الرصافي (ت ١٣٦٤) في الانتصار لمذهب ابن القيم في قصيدته (١) (المطلقة)، وهذا مقتطف من خاتمتها:

ألا قُل في الطلاق لموقعيه ... بما في الشرع ليس له وجوبُ

غلوتم في ديانتكم غلُوًّا ... يضيق ببعضه الشرع الرحيبُ

أراد اللَّه تيسيرًا وأنتم ... من التعسير عندكم ضروبُ

وقد حلّت بأمتكم كروب ... لكم فيهن -لا لهم- الذنوبُ

وَهَى حَبْل الزواجِ وَرَقّ حتى ... يكادُ إذا نَفخْتَ له يذوبُ

كخيطٍ من لعاب الشمس أدلت ... به في الجوّ هاجرة حلوبُ

يمزّقه من الأفواه نفث ... ويقطعه من النسم الهبوبُ

فدى ابن القيّم الفقهاء كم قد ... دعاهم للصواب فلم يجيبوا

ففي "أعلامه" للناس رشد ... ومزدجر لمن هو مستريبُ

نحا فيما أتاه طريق علمٍ ... نحاها شيخه (٢) الحبر الأديبُ

وبيّن حكم دين اللَّه لكن ... من الغالين لم تَعِهِ القلوبُ

لعلّ اللَّه يحدث بعدُ أمرًا ... لنا فيخيب منه من يخيبُ

وقال الأستاذ محمد رشيد رضا في "مناره" (٣) عند كلامه على هذه المسألة:

"وأطال ابن القيم في تخريج أحاديث الباب والكلام عليها، وأثبته بالكتاب والسنّة، واللغة والعرف، وعمل أكثر الصحابة" ثم قال:

"واقترح بعض الفقهاء والعقلاء على حكومتنا المصرية الرجوع فيها إلى أصل الكتاب والسنّة، الذي كان أوّل من بسط دلائله شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه


(١) نشرت في آخر بعض طبعات "إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان" (الإغاثة الصغرى).
(٢) يريد ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى.
(٣) (م ٢٨/ ج ٩/ ٦٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>