للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردّها وردّ معها صاعًا من تمر" (١)، فذكر التمر لأنه الغالب في قوت البلد؛ فيخرج في كل موضع صاعًا من قوت ذلك البلد الغالب، فيخرج في البلاد التي قوتهم البر صاعًا من بر، وإن كان قوتهم الأرز فصاعًا من أرز. . . وهكذا.

وهذه الحال خارجة محلّ الدعوى؛ إذ هي قائمة على ما أثبته النص بالقياس عليه، بل لا يعدم ذلك ما يشير إليه، واللَّه أعلم.

الرابعة: حالة استثنائية قاهرة خاصة بحالة العجز والضرورة، ومثالها صحة طواف الحائض إذا خشيت أن تفوتها رفقتها في الحج؛ تنزيلًا لها منزلة العجز؛ كما صحت الصلاة ممن لا يستطيع القيام، مع أن القيام ركن، بل جعلوا ذلك بمنزلة سائر شروط الصلاة وواجباتها التي تجب وتشترط مع القدرة وتسقط مع العجز.

وهذه الحال لا دليل فيها على الدعوى.

الخامسة: الحالات التي اعتبر الشارع فيها العرف والعادة؛ كالتراضي في العقود وألفاظ الأيمان، والطلاق. . . ونحو ذلك.

وبتأمل هذه الحالات لا نجد حالة واحدة قدِّمت فيها المصلحة أو العرف على النص.

ثانيًا: عند النظر في كلام ابن القيم وتتبعه نجده يدور حول تقرير قيام الشرع في نصوصه وما دلت عليه من أحكام على مراعاة المصلحة والعوائد بحسب الأزمان والأماكن؛ فهو ينفي وجود تعارض أو مخالفة بين المصلحة ونصوص الكتاب والسنة؛ فكيف يقال: إنه يقول بتقديم المصلحة على النص، أو تفسيره بها؟!

ثالثًا: لابن القيم رحمه اللَّه كلام يؤكد أن المذكور مراده، وهو قوله رحمه اللَّه في معرض إجابة عن سؤال عن طائفة من أهل العلم أنهم قالوا: -وسياق كلامه يدل أنه معهم-: "الأحكام نوعان:

نوع لا يتغير عن حالة واحدة هو عليها، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة، ولا اجتهاد الأئمة؛ كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، والحدود المقدرة


(١) انظر تخريجه في (٢/ ٢٢٠، ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>