للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشرع على الجرائم. . . ونحو ذلك؛ فهذا لا يتطرق إليه تغيير ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه.

والنوع الثاني: ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زمانًا ومكانًا وحالًا؛ كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها، فإن الشارع ينوع فيها بحسب المصلحة" (١).

وهذا الكلام منه رحمه اللَّه يدلّ على أنه لا يقول بتغيير دلالة النصوص بحسب المصلحة، إنما يُعمِلَ المصلحة فيما أعملته فيه النصوص، وباللَّه التوفيق (٢).

ومبحث كتابنا في "تغير الفتوى" لاقى قبولًا حسنًا عند العلماء، وصرح غير واحد ممن اعتنى في هذه المسألة بذلك (٣).

وأخيرًا، لا بد من التنويه هنا على أمور:

الأول: إن تغير الفتوى بالمعنى الذي قرره وأصّله المصنّف، ومثَّل عليه إنما هو إعمال لما أمرت به الشريعة، وراعته في أصولها الكلية وجزئياتها الفرعية، إذ من الفتيا ما يكون من حيثيات الحكم فيها مراعاة العرف والمصلحة، فإذا تغير


(١) "إغاثة اللهفان" (١/ ٣٣٠ - ٣٣١).
(٢) "تغيّر الفتوى" (٣٤ - ٣٧)، وانظر: "مفهوم تجديد الدين" (٢٧١ - ٢٧٣)، "العرف والعمل" للجيدي (١٤٥)، "نظرية العرف" للخياط (٧٩ - ٨١).
(٣) لا داعي لنقل كلامهم طلبًا للاختصار، وينظر في ذلك "ذخر المحتي" (١٢٥ - ١٢٦)، وفيه: "وتكلم في "الأعلام" على هذا الفصل كلامًا مشبعًا وافيًا كافيًا"، "تغيّر الأحكام" لإسماعيل كوكسال (١٧، ٥٣، ١٧١)، "المدخل" للدواليبي (ص ٣١٨)، "التطور روح الشريعة"، (١٩٠ - ١٩٣) للشرقاوي، "محاضرات في أسباب اختلاف الفقهاء" (٢٥٤ - ٢٥٩) لعلي الخفيف، "مباحث العلة في القياس عند الأصوليين" (١٢٧) لعبد الحكيم السعدي، "أصول الفتوى وتطبيق الأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين" (٦٢ - ٦٦)، "مباحث في أحكام الفتوى" لعامر الزيباري (٥٥، ٨٧)، "عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق" (٧٤ - ٧٥، ٣٣٥) للباني -قال فيه: "عقد ابن القيم في "إعلام الموقعين" فصلًا ممتعًا واسعًا في تغير الفتوى واختلافها بحسن تغير الأزمنة والأمكنة. . . ثم ساق -أحسن اللَّه مثواه- لاختلاف الفتوى باختلاف مقتضى الحال أمثلة كثيرة وفَّى بها الموضوع حقَّه، تؤيد ما أسلفناه" قال: "ومن أراد أن يدرك لباب الشريعة، وما انطوت عليه من الحكم والمصالح والتسامح، فعليه بالاطلاع على هذا الفصل، لأنّ به العجب العُجاب"-، "تغير الفتوى" لبازمول (١٥، ٣٤ - ٣٦، ٤٧)، "مفهوم تجديد الدين" (٢٧١ - ٢٧٣) لبسطامي محمد سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>