للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرف أو تخلّفت المصلحة، تغيّرت الحيثيّة، فتتغيّر لذلك الفتيا (١).

الثاني: أسهب المصنف في ذكر مسائل يختلف حكمها لتغير العرف والعادة، فبدأ بجملة من مسائل الأيمان، أناط الحكم فيها على نية حالفها وقصده وأنه إذا أطلق اعتبر سبب اليمين وما هيَّجها، وقام ذلك مقام القصد والنية، ثم تعرض إلى حكم الطلاق حال الغضب وقرر فيه أن الإنسان لا يؤاخذ حين يخطئ من شدة الغضب، ثم ذكر حكم يمين اللغو باللَّه وبالطلاق، وحكم تعليق الطلاق على الشرط، وصور وقوعه وعدمه، وقرر في خلال هذه المباحث -نصرةً لاختياره- ضرورة اعتبار النية والمقاصد في الألفاظ، وفرع عليه أيمان وعقود المخطئ والمكره والمستهزئ والهازل، ثم تعرض إلى حكم الحلف بالحرام، ومذاهب العلماء فيه، واستطرد فذكر (أيمان البيعة) و (أيمان المسلمين) واختلاف العلماء وأقوالهم في ذلك.

الثالث: ذكر المصنف في أواخر تعرضه (للمثال الثامن) كلمة جامعة مهمة في هذا الموضوع، نسوقها لأهميتها، قال في (٣/ ٤٧٠) ما نصه:

"وعلى هذا أبدًا تجيء الفتاوى في طول الأيام، فمهما تجدد في العُرْف شيء فاعتبره، ومهما سقط فألْغِهِ، ولا تجمد على المنقول في الكتب طولَ عمرك، بل إذا جاءك رجلٌ من غير إقليمك يستفتيك فلا تُجْرِهِ على عُرْف بلدك، وسَلْه عن عرف بلده فأجْرِهِ عليه وأفْتِهِ به، دون عرف بلدك والمذكور في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمودُ على المنقولات أبدًا ضلالٌ في الدين وجهلٌ بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين" وقال أيضًا:

"وهذا محض الفقه، ومَنْ أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عُرْفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضلَّ وأضل، وكانت جنايته على الدين أعْظَمَ من جناية من طَبَّبَ الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا المفتي الجاهل أضَرُّ ما على أديان الناس وأبدانهم واللَّه المستعان".

إن كثيرًا من الموضوعات الفقهية ذات العلاقة بالمعاملات، وعيوب النكاح، وقضايا القصاص والجراح بنى الفقهاء المتقدمون الأحكام فيها حسب التصورات،


(١) "تغير الفتوى" (٣٣) لبازمول.

<<  <  ج: ص:  >  >>