وقال البزار عقبه: "إنما روي عن هشام مرسلًا" يعني بدون جابر. ونقل ابن التركماني في "الجوهر النقي" (٧/ ٤٨١) قول البزار عنه: "ومن صحيح هذا الباب حديث ذكره بقي بن مخلد. . .". قلت: أخرجه الشافعي في "الرسالة" (رقم ١٢٩٠ - ط شاكر)، ومن طريقه البيهقي في "المعرفة" (١/ ١٦٦) رقم (٢٦٣)، و (١١/ ٢٩٨) رقم (١٥٥٨٧)، وسعيد بن منصور في "سننه" (رقم ٢٢٩٠): أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر به مرسلًا. وأفاد البيهقي قبله أنه لم يقل أحد من أهل الفقه به وقال بعده: "لا يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وقال: "وأن اللَّه لما فرض للأب ميراثه من ابنه، فجعله كوارث غيره، فقد يكونُ أقل حظًا من كثير من الورثة، دل ذلك على أن ابنه مالك للمال دونه"، وقال: "ومحمد بن المنكدر غاية في الثقة والفضل في الدين والورع، ولكنا لا ندري عمن قبل هذا الحديث". قال البيهقي في "المعرفة" (١/ ١٦٧) عقب قول الشافعي الأخير: "وقد رواه بعض الناس موصولًا بذكر جابر فيه، وهو خطأ". ونقل فيه -أيضًا- (١٢/ ١٥٨) تضعيف الشافعي له، ونقل الشافعي -بناءً على ما تقدم- أن أهل العلم أجمعوا على خلافه!! قلت: لا يوجد حديثٌ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا أسعد اللَّه عالمًا وقال به، وقد رأيت منذ عشر سنوات تقريبًا بحثًا ماتعًا في هذا للسندي في "دراسات اللبيب" فانظره غير مأمور. والحديث على توجيه الشافعي السابق، ومعارضته له بما فرض اللَّه للأب مع عدم حفظه من وصله، ينحى إلى ضعفه، وزاد البيهقي -نصرةً له، ووجد الموصول- أن زيادة "عن جابر" خطأ! وفصَّل في "الكبرى" (٧/ ٤٨١) منشأ هذا باستشكال ثم عَرَّج على تأويل له، قال: "من زعم أن مال الولد لأبيه احتجَّ بظاهر هذا الحديث، ومن زعم أن له من ماله ما يكفيه إذا احتاج إليه، فإذا استغنى عنه لم يكن للأب من ماله شيء، احتج بالأخبار التي وردت في تحريم مال الغير، وأنه لو مات وله ابن لم يكن للأب من ماله إلا السدس، ولو كان أبوه يملك مال ابنه لحازه كله. ويروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "كل أحد أحق بماله من والده وولده والناس أجمعين" وبمثل هذا احتج ابن حزم في "المحلى" (٨/ ١٠٣ - ١٠٦ و ٩/ ٤١٧ و ١٠/ ٤٦٠ و ١١/ ٣٤٤) على أنه منسوخ! وأطال في ذلك. قلت: الحديث الناسخ "كل أحد. . . " ضعيف، أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" رقم (٢٢٩٣)، والدارقطني في "السنن" (٤/ ٢٣٥)، والبيهقي في "الكبرى" (٧/ ٤٨١ و ١٠/ ٣١٩) عن حبان بن أبي جبلة مرفوعًا، وهو ضعيف، حبان من التابعين، ولذا تعقب المناوي في "فيض القدير" (٥/ ٩) السيوطي لما رمز لصحته في "الجامع الصغير" =