وأخرجه البيهقي في "الكبرى" (٦/ ١٧٨) عن عمر بن المنكدر مرسلًا، ونقل الطحاوي في "المشكل" (٤/ ٢٧٩) عن شيخين له توجيهًا آخر، وهذا نص كلامه: "سألت أبا جعفر محمد بن العباس (١) عن المراد بهذا الحديث، فقال: المراد به موجود فيه، وذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال فيه: "أنت ومالك لأبيك" فجمع فيه الابن، ومال الابن، فجعلهما لأبيه، فلم يكن جعله إياهما لأبيه على ملك أبيه إياه، ولكن على أن لا يخرج عن قول أبيه فيه، فمثل ذلك قوله: مالك لأبيك، ليس على معنى تمليكه إياه ماله، ولكن على معنى أن لا يخرج عن قوله فيه. وسألت ابن أبي عمران عنه، فقال: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديث: "أنت ومالك لأبيك" كقول أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنما أنا ومالي لك يا رسول اللَّه، لما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر" (٢) انتهى. وقد لخص ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢٤/ ١٤٢) معنى كلامهما بقوله: "قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت" ليس على التمليك، فكذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ومالك" ليس على التمليك، ولكنه على البر به، والإكرام له". ونحوه عند ابن حبان في "الصحيح" (٢/ ١٤٣ و ١٠/ ٧٥ - الإحسان). والتوجيه الأول أقرب لزيادة وردت في حديث عائشة ستأتي، واللَّه الموفق. والخلاصة: الحديث صحيح بمجموع طرقه، قال ابن حجر في "الفتح" (٥/ ٢١١): "فمجموع طرقه لا تحطه من القوة، وجواز الاحتجاج به"، وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (١٠٠ - ١٠٢) بعد أن سرد طرقه: "والحديث قوي". أما شواهده: فحديث ابن عمر، وله أربع طرق: الأولى: ما أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ١/ ٤٠٦) قال لي محمد بن مهران، وأبو يعلى في "المسند" (١٠/ ٩٨ - ٩٩) رقم (٥٧٣١) حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، وابن معين في "تاريخه" (٤/ ١٥٦ - ١٥٧) رقم (٣٦٨٥) ثلاثتهم قال: حدثنا معتمر بن سليمان قال: فيما قرأت على فضيل بن ميسرة، عن أبي حريز، عن إسحاق أنه حدثه أن عبد اللَّه بن عمر، وذكر نحوه. وقال ابن أبي سمينة: "عن أبي إسحاق" بزيادة "أبي"!! قال الدوري في "تاريخه" عقبه: "قلت ليحيى: ابن أبي سمينة البصري حدثنا به عن معتمر يقول: عن أبي إسحاق؟! فأخرج يحيى "كتاب معتمر" كذا فيه: "أن إسحاق حدثه". =