للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرض موته ولم يُحَابِهِ لم يبطل البيع، ولو حاباه بَطَلَ في قدر المحاباة، فعلق البطلان بالتهمة لا بمظنتها.

قالوا: وأما قوله [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (١): "أنْتَ ومَالُكَ لأبيكَ" (٢) فلا يمنع شهادة الابن لأبيه، فإن الأبَ ليس هو وماله لابنه، ولا يدل الحديث على [عدم] (٣) قبول شهادة أحدهما للآخر، والذي دل عليه الحديث أكثَرُ منازعينا لا يقولون به، بل عندهم أن مال الابن له حقيقة وحكمًا، وأن الأب لا يتملك عليه منه شيئًا، والذي لم يدل عليه الحديث حمَّلتموه إياه، والذي دل عليه لم تقولوا به، ونحن نتلقى أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[كلها] (٤) بالقبول والتسليم، ونستعملها في وجوهها (٥)، ولو دل قوله: "أنت ومالك لأبيك" (٢) على أن لا تُقبل شهادةُ الولد لوالده ولا الوالد لولده لكُنَّا أول ذاهب إلى ذلك، ولما سبقتمونا إليه، فأين موضع الدلالة؟ واللام في الحديث ليست للملك قطعًا، وأكثركم يقول: ولا للإباحة إذ لا يُبَاح مال الابن لأبيه؛ ولهذا فرَّقَ بعضُ السلف فقال: تقبل شهادة الابن لأبيه، ولا تقبل شهادة الأب لابنه، وهو إحدى الروايتين عن الحسن والشَّعْبيّ (٦) ونَصَّ عليه أحمد في رواية عنه (٧)، ومن يقول: هي للإباحة أسْعَدُ بالحديث، وإلَّا تعطلت فائدته ودلالته، ولا يلزم من إباحة أَخْذَهِ ما شاء من ماله [أن لا] (٨) تُقبل


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) سبق تخريجه مطولًا قريبًا.
(٣) ما بين المعقوفتين من (د) و (ق) و (ط) و (ك) وأشار إلى أنها في نسخة هكذا، وقال (ط): "في بعض الأصول التي في أيدينا بدون كلمة "عدم"، ولعل الصحيح: "ولا يدل الحديث على "عدم" قبول شهادة أحدهما للآخر" حتى يستقيم له الدليل" اهـ.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ك): "على وجهها".
(٦) الذي وجدته في مصنف ابن أبي شيبة (٥/ ٣٤٢ - دار الفكر) عن الشعبي: أنه كان لا يجيز شهادة الرجل لأبيه، ويجيز شهادة الرجل لابنه أي عكس ما هو هنا، رواه عن ابن أبي زائدة عن أشعث عنه وأشعث أظنه ابن سَوّار فهو الذي يروي عن الشعبي وهو مُتكلَّم فيه، والمصنف ينقل عن "المحلى" (٩/ ٤١٥)، وانظر "موسوعة فقه الحسن" (٢/ ٥٦٥).
(٧) قال في "الكافي" (٤/ ٥٢٨): "وعنه [أي الإمام أحمد]: تقبل شهادة الولد لوالده؛ لدخوله في العموم، ولا تقبل شهادة الأب لابنه؛ لأن ماله كماله؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك" فكانت شهادته" اهـ.
ونقل هذه الرواية عن الإمام أحمد: صاحب "المغني" (١٠/ ١٨٦)، و"الإنصاف" (١٢/ ٦٦)، وعنه روايات أخرى انظرها في "مسائل عبد اللَّه" (٤٣٦/ ١٥٧٩)، وفي "مسائل صالح" (١/ ٤٦٩/ ٤٩٠)، وفي "مسائل ابن هانئ" (٢/ ٣٧/ ١٣٣٧)، والمصادر السابقة -أيضًا-.
(٨) في (ق): "ألا".

<<  <  ج: ص:  >  >>