الكلام على وصله وإرساله: وخير من تكلم وحرر هذا المبحث الدارقطني في "العلل" (م ٢/ ٤٨ / ب، و ٤٩/ أ - مخطوط)؛ فقال: "رواه شعبة عن أبي عون هكذا (أي: موصولًا، وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح، قال أبو داود (أي: الطيالسي): أكثر ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال مرة: عن معاذ" انتهى. وقال الترمذي في الحديث: "ليس إسناده عندي بمتصل"، قال ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر"، (١/ ١١٨): "وكأنه نفى الاتصال باعتبار الإبهام الذي في بعض رواته، وهو أحد القولين في حكم المبهم". وأعل العراقي الحديث في "تخريج أحاديث البيضاوي" بعلل ثلاث: الأولى: الإرسال هذا، والثانية: جهالة أصحاب معاذ، والثالثة: جهالة الحارث بن عمرو. مسرد عام بأسماء من ضعف الحديث: ضَعّف حديث معاذ هذا جماعة من جهابذة أهل الحديث، على رأسهم أميرهم الإمام البخاري، وتلميذه الترمذي، والدارقطني، والعقيلي، وابن طاهر القيسراني، والجورقاني -بالراء المهملة وليس بالمعجمة، ذاك الجوزجاني صاحب "أحوال الرجال"-، وابن حزم، والعراقي، وابن الجوزي، وابن كثير، وابن حجر، وغيرهم من الأقدمين، واضطرب فيه الذهبي كما بينا. مسرد بأسماء من صحيح الحديث: صحيح حديث معاذ هذا أبو بكر الرازي، وابن العربي المالكي في "عارضة الأحوذي"، والخطيب البغدادي، وابن قيم الجوزية، وغيرهم من المتأخرين. ملحظ من صححه ومن ضعفه: نظر مصححوه إلى عدم كون جهالة أصحاب معاذ علة قادحة فيه، وتناسوا الإرسال، وجهالة الحارث بن عمرو، أما من ضعفه؛ فبعضهم ذكر العلل القادحة -على ما بيناه-، وهما علتا الإرسال، وجهالة الحارث، كالحافظ ابن كثير في "تخريج أحاديث منتهى ابن الحاجب"، وبعضهم زاد علة غير قادحة -على ما حققناه-، وهي جهالة أصحاب معاذ، ونحى بعضهم منحى آخر؛ فقال بعد أن اعترف بضعفه، وأنه لا يوجد له إسناد قائم: "لكن اشتهاره بين الناس وتلقيهم له بالقبول مما يقوي أمره"؛ كما فعل عبد اللَّه الغماري في "تخريج أحاديث اللمع في أصول الفقه" (ص ٢٩٩)، وسبقه أبو العباس ابن القاضي فيما نقله عنه الحافظ في "التلخيص" (٤/ ١٨٣)، وقال الغزالي في "المستصفى" (٢/ ٢٥٤): "وهذا حديث تلقته الأمة بالقبول، ولم يظهر أحد فبه طعنًا وإنكارًا، وما كان كذلك؛ فلا يقدح فيه كونه مرسلًا، بل لا يجب البحث عن إسناده"، وأطلق صحة الحديث جماعة من الفقهاء -أيضًا- كالباقلاني، وأبي الطيب الطبري؛ لشهرته وتلقي =