للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مُسمَّيْنَ فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك؛ لأنه يدل على شهرة الحديث، وأن الذي حَدَّث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ، لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سُمّي، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى؟ ولا يُعْرف في أصحابه مُتهم وكذاب (١) ولا مجروح، [بل أصحابه] (٢) من أفاضل المسلمين وخيارهم، لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث (٣)؟ وقد قال بعض أئمة الحديث: إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدُدْ يديك به، قال أبو بكر الخطيب (٤): "وقد قيل إن عُبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غُنم عن معاذ، وهذا إسناد متصل، ورجاله معروفون بالثقة، على أن أهل العلم قد نقلوه (٥) واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا وصية لوارث" (٦) وقوله في البحر: "هُوَ


= احتج به أحد من المتقدمين"، وأقره الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٤/ ١٨٣).
والأخيرة: قال ابن طاهر القيسراني: "وأقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب "أصول الفقه": والعمدة في هذا الباب على حديث معاذ! قال: وهذه زلة منه، ولو كان عالمًا بالنقل لما ارتكب هذه الجهالة".
وتعقبه الحافظ في "التلخيص" (٤/ ١٨٣)؛ فقال: "قلتُ: أساء الأدب على إمام الحرمين، وكان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة، مع أن كلام إمام الحرمين أشد مما نقله عنه؛ فإنه قال: والحديث مدون في الصحاح، متفق على صحته، لا يتطرق إليه التأويل، كذا قال -رحمه اللَّه-".
اللهم ارزقنا الأدب مع علمائنا ومشايخنا، وتقبل منا، وارزقنا السداد والصواب، وجنبنا الخطأ والخلل والزلل.
(١) في (ق): "ولا كذاب".
(٢) في (ك) و (ق): "وأصحابه".
(٣) نحوه عند القاضي أبي يعلى في "العدة" (٤/ ١٢١٩٢ - ١٢٩٣).
(٤) في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٤٧٢ - ٤٧٣/ ٥١٥ - تحقيق عادل العزازي).
(٥) في (ن): "تقبلوه".
(٦) ورد الحديث عن عشرة من الصحابة: أمثلها حديث أبي أمامة الباهلي.
رواه أحمد (٥/ ٢٦٧)، والطيالسي (١١٢٧)، وأبو داود (٣٥٦٥) في (البيوع): باب في تضمين العارية، و (٢٨٧٠) في (الوصايا): باب ما جاء في الوصية للوارث، وابن ماجه (٢٧١٣) في (الوصايا): باب لا وصية لوارث، وسعيد بن منصور في "سننه" (٤٢٨)، والطبراني في "الكبير" (٧٥٣١ و ٧٦١٥ و ٧٦٢١)، والترمذي و (٢١٢٠ و ٢١٢١) في (الوصايا): باب لا وصية لوارث، وعبد الرزاق في "مصنفه" (٧٢٧٧ و ١٦٣٠٨)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (١١/ ١٤٩)، والدارقطني (٣/ ٤١)، والبيهقي (٦/ ٢١٢ و ٢٤٤ و ٢٦٤)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>