للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقياس خيرًا لهم لدلَّهم [عليه] (١)، وأرشدهم إليه، ولقال لهم: إذا أوجَبْتُ عليكم شيئًا أو حرَّمتُهُ فقيسوا عليه ما كان بينه وبينه وَصْفٌ جامع أو ما أشبهه، أو قال ما يدل على ذلك أو يستلزمه، ولما حذّرهم من ذلك أشَدَّ الحَذَر كما ستقف عليه إن شاء اللَّه، وقد أحكم اللسانُ كلَّ اسمٍ على مُسمَّاه لا على غيره، وإنما بعث اللَّه [سبحانه] (٢) محمدًا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (٢) بالعربيّة التي يفهمُها (٣) العربُ من لسانها، فإذا نصَّ سبحانه في كتابه، أو نصَّ رسوله [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (٤) على اسم من الأسماء، وعلَّق عليه حُكمًا من الأحكام، وَجَبَ ألا يُوقعَ ذلك الحكم إِلا على ما اقتضاه ذلك الاسمُ، ولا يُتعدَّى به الوضع الذي وضعه اللَّه [ورسوله] (٢) فيه، ولا يُخرج عن ذلك الحكم شيءٌ مما يقتضيه الاسم؛ فالزيادةُ على ذلك زيادةٌ في الدين، [والنَّقصُ منه نقصٌ في الدين] (٢)؛ فالأول القياس، والثّاني التخصيص الباطل، وكلاهما ليس من الدِّين، ومن لم يَقفْ مع النصوص، فإنه تارةً يزيد في النص ما ليس منه، ويقول: هذا قياس، ومرةً ينقص منه بعض ما يقتضيه ويخرجه عن حكمه، يقول (٥): هذا تخصيص، ومرةً يترك النَّصَّ جملةً، ويقول: ليس العمل عليه، أو يقول: هذا خلاف [القياس، أو خلاف] (٢) الأصول.

قالوا: ولو كان القياس من الدِّين لكان أهلُه أتْبَعَ الناسِ للأحاديث، وكان كلما توغل فيه الرجُلُ (٦) كان أشدَّ اتِّباعًا للأحاديث والآثار.

قالوا: ونحن نرى أنَّ كلَّما اشتدَّ توغّلُ الرجل فيه اشتدَّتْ مخالفته للسُّنن، ولا نَرَى مخالفة (٧) السنن والآثار إِلا عند أصحاب الرأي والقياس، فلله كم من سنةٍ صحيحةٍ صريحةٍ قد عُطِّلت [به] (٨)؟ وكم من أثرِ دَرَسَ حُكمه بسببه؟ فالسنن والآثار عند الآرائيين والقياسيين (٩) خاويةٌ على عُروشها، مُعطَّلة أحكامُها، معزولة عن سلطانها وولايتها (١٠)، لها الاسمُ ولغيرها الحكم، لها السِّكَةُ والخطبة، ولغيرها الأمرُ والنهي، وإلّا فلماذا تُرِك حديثُ العَرَايا (١١)، وحديثُ قسم الابتداء [وأن] (٨)


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٣) في (ق): "تفهمها".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٥) في (ق): "ويقول".
(٦) في (د) زيادة لفظة: "فيه" بعد قوله: "كلما توغل فيه الرجل".
(٧) في المطبوع و (ق) و (ك): "خلاف".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٩) في (ق) و (ك): "الآرائيين والقياسة".
(١٠) في (ن): "عن سلطان ولايتها".
(١١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>