للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّضِيعينِ فقلتم: يُغْسَلان (١)، وفرّقتم بين ما جمعت السنّة بينه من وجوب غسل قليل البول وكثيره، وفرّقتم بين ما جمع اللَّه ورسوله بينهما من ترتيب أعضاء الوضوء وترتيب أركان الصلاة، فأوجبتم الثاني دون الأول، ولا فرق بينهما لا في المعنى ولا في النَّقل، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المبين عن اللَّه سبحانه أَمْره ونهيه، ولم يتوضأ قط إلا مرتبًا ولا مرة واحدة في عمره (٢) كما لم يُصَلِّ إلا مرتبًا، ومعلوم أن العبادة المنكوسة ليست كالمستقيمة، ويكفي هذا الوضوء اسمه وهو أنه وضوء منكس، فكيف (٣) يكون عبادة؟ وجمعتم بين ما فرّق اللَّه بينه من إزالة النجاسة ورفع الحدث فسوَّيتم بينهما في صحة كل منهما بغير نية، وفرّقتم بين ما جمع اللَّه بينهما من الوضوء والتيمم فاشترطتم النية لأحدهما دون الآخر، وتفريقكم بأن الماء يطهر بطبعه فاستغنى عن النية بخلاف التراب فإنه لا يصير مطهرًا إلا بالنية فرقٌ صحيح بالنسبة إلى إزالة النجاسة فإنه مزيلٌ لها بطبعه، وأما رفع الحدث فإنه ليس رافعًا له بطبعه؛ إذ الحدث ليس جسمًا محسوسًا يرفعه الماء بطبعه بخلاف النجاسة، وإنما يرفعه بالنية؛ فإذا لم تقارنه النية بقي على حاله، فهذا هو القياس المحض.


= إسحاق بن كعب بن عُجرة عن عمته زينب بنت كعب أن الفريعة بنت مالك. . . به، وفيه قصة.
وأعله عبد الحق -كما في "التلخيص الحبير" (٣/ ٢٤٠) - بجهالة حال زينب وبأن سعد بن إسحاق غير مشهور العدالة.
وتعقبه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (٥/ ٣٩٤ - ٣٩٥) بأن سعدًا وثقه النسائي، وابن حبان وزينب وثقها الترمذي.
قال ابن حجر: وذكرها ابن فتحون، وابن الأمين (كذا!! الصواب: الأثير) في "الصحابة".
(١) انظر: "تحفة المودود" (ص: ٢١٣ - ٢١٧).
(٢) قلت: قال البيهقي -رحمه اللَّه- في "الخلافيات" (١/ ٤٧٨ - بتحقيقي): "ولم يرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه توضأ منكوسًا قط" اهـ.
قلت: والترتيب في أعضاء الوضوء مما لا بد منه، والأحاديث التى اعتمد عليها القائلون بغير ذلك: الصريح منها غير صحيح، والصحيح منها لا يفيد ما ذهبوا إليه، وانظر: "تنقيح التحقيق" (١/ ٤٠٢ - ٤٠٣) فهنالك مؤيدات كثيرة لهذا القول، ولا يتسع المقام لسرد ذلك بالتفصيل، وانظر: كتاب "الخلافيات" للإمام البيهقي (١/ ٤٧٨ - ٤٩٦/ المسألة: ١١ - بتحقيقي).
(٣) في (ق) و (ك): "أنه وضوء منكوس، وكيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>