للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلتم: إذا صلى جالسًا ثم تشهد في حال القيام سهوًا فلا سجودَ عليه، وإن قرأ في حال التشهد فعليه السجود، وهذا فرق بين متساويين من كل وجه؛ وقلتم: إذا افتتح الصلاة في المسجد فظن أنه قد سبقه الحَدَثُ فانصرف ليتوضأ ثم علم أنه لم يسبقه الحدث وهو في المسجد جاز له المضي في (١) صلاته، وكذلك لو ظن أنه قد أَتم صلاته ثم علم أنه لم يتم، ثم قلتم: لو ظن أن على ثوبه نجاسة أو أنه لم يكن متوضئًا فانصرف ليتوضأ أو يغسل ثوبه ثم علم أنه كان متوضئًا أو طاهر الثوب لم يجز له البناء طى صلاته، ففرَّقتم بين [متساوييْن] (٢) لا فرق بينهما وتركتم محض القياس، وفرقتم بأنه لما ظن سبق الحدث فقد انصرف من صلاته انصراف استئنافٍ لا انصراف رفض، فإنه لو تحقق ما ظنه جاز له المضي، فلم يصر قاصدًا للخروج من الصلاة، فلم يمتنع البِناءُ, وكذلك (٣) لو ظَنَّ أنه قد أتم صلاته فلم ينصرف انصراف رفضٍ، وإذا لم يقصد الرفض لم تصر الصلاة مرفوضة كما لو سَلَّم ساهيًا، وليس كذلك إذا ظن أنه لم يتوضأ أو [أن] (٤) على ثوبه نجاسة لأنه انصرف منها انصراف رفضٍ ونوى الرفض مقارنًا لانصرافه؛ فبطلت كما لو سلم عامدًا، وهذا الفرقُ غير مجدٍ شيئًا، بل هو فرق بين ما جمعت الشريعة بينهما (٥)، فإنه في الموضعين انصرف انصرافًا مأذونًا فيه أو مأمورًا به، وهو معذور في الموضعين، بل هذا الفرق حقيقٌ باقتضائه ضد ما ذكرتم، فإنه إذا ظن أنه لم يتوضأ فانصرافه مأمور به وهو عاصٍ للَّه بتركه، بخلاف ما إذا ظن أنه قد أتم صلاته فإن انصرافه مباحٌ مأذونٌ له فيه، فكيف تصحُّ الصلاة مع هذا الانصراف وتبطل بالانصراف المأمور به؟ ثم إنه أيضًا في انصرافه [حين] (٦) ظَنَّ أنه قد أَتم صلاته ينصرف انصراف تركٍ حقيقةً لأنه يَظنّ أنه قد فرغ منها، فتَركها تَرْكَ مَنْ قد أكملها، ومن ظن أنه محدث فإنما تركها ترك قاصدٍ ليكملَهَا (٧)، فهي أولى بالصحة.

وقلتم: لو قال: "للَّه عَلَيَّ أن أُصلي ركعتين" [وقال آخر: "وأنا للَّه عَلَيَّ


(١) في (ق): "على".
(٢) بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع و (ن) و (ك): "ما".
(٣) في (ق) و (ك): "فكذلك".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ق): "بينه".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في المطبوع و (ن): "لتكملتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>