للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلي ركعتين"] (١) لم يجز لأحدهما أن يأتم بصاحبه؛ لأنهما فرضان بسببين، وهو نذر كل (٢) واحد منهما، ولا يُؤدَّى فرضٌ خلف فرض آخر؛ ثم ناقضتم فقلتم: لو قال الآخر: "وأنا للَّه عليَّ أن أصلي الركعتين (٣) اللتين أوجَبْتُ على نفسك" جاز لأحدهما أن يأتم بالآخر؛ لأنه أوجب على نفسه عين ما أوجبه (٤) الآخر على نفسه، فصارتا كالظهر الواحدة، وهذا ليس يُجدي شيئًا؛ فإن سبب الوجوب مختلف كما في الصورة الأولى سواء، وهو نذر كل واحد منهما على نفسه وليس الواجب على أحدهما هو عين الواجب على الآخر، بل هو مثله، ولهذا لا يتأَدَّى أحدُ الواجبين بأداء الآخر، ولا فرق بين المسألتين في ذلك ألبتة، فإن كل واحد [منهما] (٥) يجب عليه ركعتان نظير ما وجب على الآخر بنذره (٦)، فالسبب مماثل (٧)، والواجب مماثل، والتعدد في الجانبين سواء، فالتفريق بينهما تفريق بين متماثلين، وخروج عن محض القياس.

وفرّقتم بين ما جمع النَّصُّ والميزان بينهما، فقلتم: إذا ظفر برِكَاز فعليه فيه الخمس، ثم يجوز له صرفه إلى أولاده وإلى نفسه إذا احتاج إليه، وإذا وجب عليه عُشْرُ الخارج من الأرض لم يكن [له] (٨) صرفه إلى ولده ولا إلى نفسه، وكلاهما واجب عليه إخراجه لحق اللَّه (٩) وشكر النعمة بما أنعم عليه من المال، ولكن لما كان [الركاز مالًا مجموعًا لم يكن نماؤه وكمالُه بفعله فالمؤنة فيه أيسر كان الواجب فيه أكثر، ولمَّا كان] (١٠) الزَّرع فيه من المُؤنة والكُلفة والعمل أكثر مما في الركاز كان الواجب فيه (١١) نصفه وهو العشر، فإن اشتدت المؤنة بالسقي بالكلفة حُط الواجبُ إلى نصفه وهو نصف العشر، فإن اشتدت المؤنة في المال غيره بالتجارة والبيع والشراء كل وقت وحفظة وكراء مخزنه ونقله خفف إلى شطره وهو ربع العشر؛ فهذا من كمال حكمة الشارع [في] (١٢) اعتبار كثرة الواجب وقلَّته،


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق)، وقال في هامش (ق): "لعل هنا سقط"! هكذا، والصواب: "سقطًا".
(٢) في (ق): "لكل".
(٣) في (ق): "ركعتين".
(٤) في (ق) و (ك): "ما أوجب به".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٦) في (ق): "على آخر بنذره".
(٧) في (ق) و (ك): "متماثل".
(٨) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٩) في (ق) و (ك): "بحق اللَّه".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(١١) في (ق): "كان له الواجب فيه".
(١٢) في (ق) و (ك): "بـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>