وفي رواية لأحمد (٥/ ٥٥): "لا تصلوا في عطن الإبل، فإنها من الجن خلقت، ألا ترون عيونها وهبابها إذا نفرت، وصلوا في مراح الغنم، فإنها هي أقرب من الرحمة". قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٢/ ٣٣٣): "وحديث عبد اللَّه بن مغفل رواه نحو خمسة عشر رجلًا عن الحسن، وسماع الحسن من عبد اللَّه بن مغفل صحيح"، وقال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٢٦): "رجال أحمد رجال الصحيح"، وصححه الشوكاني في "نيل الأوطار" (٢/ ٢٣). قلت: انظر تفصيل ذلك في: "المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس" (٤/ ١٧١٢ - ١٧١٤، ١٧٣٥ - ١٧٣٧). قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٢/ ٣٣٤) عقب الحديث: "وفي بعض هذه الآثار، فإنها جن خلقت من جن"، وقال قبل: "وجاء في الحديث الثابت: أنها جن خلقت من جن". فلعل هذا مستند ابن تيمية -رحمه اللَّه- (شيخ المصنف) في نقل هذا الحديث، وهو بالمعنى ساقه ابن عبد البر في معرض التفرقة بين مراح الغنم وعطن الإبل، واكتفى صاحب "الحاوي في تخريج أحاديث مجموع الفتاوى" (ص ١١٢/ رقم ٥٧٣) في التخريج بقوله: "أخرجه ابن ماجه وأحمد" ولم يشر إلى لفظيهما، فأوهم أنه عنده بلفظ: "إنها جن خلقت من جن" كما أورده ابن تيمية، وهو خلاف ذلك، وهذا قصور ظاهر في التخريج. قال ابن حبان في "صحيحه" (٤/ ٦٠٢ - "الإحسان") عقب الحديث: "قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإنها خلقت من الشياطين" أراد به أن معها الشياطين، وهكذا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليدرأه ما استطاع، فإن أبي، فليقاتله، فإنه شيطان". ثم قال في خبر صدقه بن يسار عن ابن عمر: "فليقاتله؛ فإن معه القرين"". قلت: قد يتأيد هذا التأويل بما أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" من مرسل خالد بن معدان: "إن الإبل خلقت من الشياطين، وإن وراء كل بعير شيطان"، ونقل المناوي في "فيض القدير" (٢/ ٣٢٠) عن ابن جرير قوله: "معناه أنها خلقت من طباع الشياطين، وأن البعير إذا نفر كان نفاره من شيطان يعدو خلفه فينفره، ألا ترى إلى هيئتها وعينها إذا نفرت؟ " انتهى. =