للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغاذِي شبيه بالمغتذي، ولهذا حَرَّمَ كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير (١)؛ لأنها دواب عادية، فالاغتذاء بها يجعل في طبيعة المغتذي من العُدْوان ما يضرُّه في دينه، فإذا اغتذى من لحوم الإبل وفيها تلك القوة الشَّيْطانية والشيطان خُلِق من نار والنارُ تُطفأ بالماء، هكذا جاء الحديث، ونظيره الحديث الآخر: "إن الغَضَبَ من الشيطان، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" (٢) فإذا توضأ العبد من لحوم الإبل كان في وضوئه ما يُطفيء تلك القوة الشيطانية فتزول تلك المفسدة، ولهذا


= وقال الزمخشري عن الجاحظ: "زعم بعضهم أن الإبل فيها عرق من سفاد الجن بهذا الحديث وغلطوا، وإنما ذلك لأن للشيطان فيها متسعًا، حيث سبقت أولًا إلى إغراء المالكين على إخلالهم بشكر النعمة العظيمة فيها، فلما زواها عنهم لكفرانهم أغرتهم أيضًا على إغفال ما لهم من حق جميل الصبر على الرزية بها وسولت في الجانب الذي يستعملون فيه نعمتي الركوب والحلب أنه الآثام وهو بالحقيقة الأيمن". انتهى.
(١) أخرج البخاري (٥٥٣٠) (كتاب الذبائح والصيد): باب أكل كل ذي ناب من السِّباع، ومسلم (١٩٣٢) (كتاب الصيد والذبائح): باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، عن أبي ثعلبة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وأخرج مسلم (١٩٣٤) عن ابن عباس: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٦)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (٧/ ٨)، وأبو داود في "السنن" (٤٧٨٤) (كتاب الأدب): باب ما يقال عند الغضب، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢/ ٤٦٤/ رقم ١٢٦٧، ١٢٦٨)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ١٦٧، ١٦٩/ رقم ٤٤٣، ٤٤٧)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٤/ ٢٢١٥) رقم (٥٥٣٧)، وابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٢٥)، والبغوي في "شرح السنة" (٣٥٨٣)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٠/ ٤٦٤)، عن أبي وائل القصاص، قال: "دخل على عروة بن محمد السعدي، فكلّمه رجل، فأغضبه، فقام فتوضأ، ثم رجع وقد توضأ، فقال حدثني أبي عن جدي عطية قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ".
وصحابي الحديث عطية بن عروة السعدي نزل الشام، وله ثلاثة أحاديث، ترجمته في "طبقات ابن سعد" (٧/ ٤٣٠)، و"الطبقات" للإمام مسلم (١/ ١٩٤/ رقم ٤٣٢ - بتحقيقي)، و"الجرح والتعديل" (٦/ ٣٨٣)، و"الاستيعاب" (٣/ ١٤٤)، و"أسد الغابة" (٤/ ٤٤)، و"الإصابة" (٢/ ٤٨٥)، وابنه محمد صدوق، ووهم من ذكره في الصحابة.
وانظر: "الإصابة" (٣/ ٤٧٥)، و"الميزان" (٣/ ٦٤٨)، وعروة بن محمد مجهول، وقال عنه في "التقريب": "مقبول"، أي إذا توبع، ولم أظفر له بمتابعة، فإسناده ضعيف.
وأعله شيخنا الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم ٥٨٢) بجهالة كل من عروة وابنه محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>