للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لتفريطك، فقال له: نعم، وأمرَه أنْ يأخذَ مِن أملاكِه ونخلِه ما شاء، واستشارَ أصحابَه، فوافقوه على الأخذ، فلم يُصوِّب رأيهم، وقال: إنَّ هذا الرَّجلَ ممَّن صحبتُه في الله، وقد أقرأني القرآن، فلا أُغرِّمه شيئًا أفسده عبيدي لم يتدنَّس منه بشيء، وأبرأَ ذِمَّتَه مِن ذلك، ولم يزلْ صديقًا له، حتَّى فرَّقَ الموتُ بينهما.

ولهُ بالحرمِ آثارٌ شريفةٌ، وكانَ فيه مِن الشِّدَّةِ في الدِّينِ على الأشراف، ما كانَ في مختارٍ الآتي، وزيادةٍ، مع الانقيادِ إلى الشَّرعِ، والموافقةِ على الخير، وكانَ صديقًا للجمالِ المطريِّ بحيثُ زادَ في ذلك على عطاء الله الآتي، فلمَّا سعى عليه وهو بالقاهرة في المشيخةِ صفيُّ الدِّينِ جوهرٌ خادمُ اللالا وأعطيها (١)، تسلَّطَ أهلُ الشرِّ على الجمالِ المشارِ إليه، بحيثُ اغتمَّ لذلك، فاتَّفقَ أنَّه رأى في المنامِ كأنَّ بابَ جبريلَ حُوِّلَ إلى بابِ الرَّحمة، وصارَ يقولُ: كيف يُزال بابٌ ثابتٌ إلى بابٍ غيره، ويبقى هذا المكانُ لا بابَ له؟ فلم يلبث إلا يسيرًا، وجاءَ الخبرُ بالرُّجوعِ عن جوهرٍ، وولايةِ العز (٢) هذا، وكان بيتُه ببابِ الرَّحمة، وبيتُ جوهرٍ بجوارِ رباطِ صفيِّ الدِّينِ السّلامي، فجاءَ المنامُ كفَلَقِ الصُّبح، وانكفَّ أهلُ الشرِّ عن الجمالِ المذكور، وكانَ لأولادَ المجاورين كالأبِ الشَّفيقِ، يسألُ كلَّ مَن لقيَه منهم عن حالِه، وحالِ أهلِ بيتِه وأولادِه، ويقولُ له: كيفَ أولادُنا، كيف إخوانُنا؟ ويقضي الحوائجَ بطِيبِ نفسٍ وانشراح، وكانَ إذا غضبَ أو انزعجَ يرجعُ عن قريبٍ، لا يُؤيسُ مِن خيرِه؛ ولو أُيسَ بقوله، وطالت مدَّتُه، ثمَّ عُزلَ بمُختصٍّ الدَّيري الآتي، ثمَّ أعيدَ وهو بالقاهرة، ونابَ عنه في غَيبتِه شمسُ الدِّين


(١) في الأصل: واعاطيها؟
(٢) عز الدين دينار، هذا المترجَم.