للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجَمداري (١)، وسارَ عزُّ الدِّينِ في ولايته على طريقتِه الأولى مِن فعلِ الخيراتِ، وعِتقِ المماليكِ، ووقفِ النَّخيل على الفقراء، فلمَّا ضعُفَ بدنُه وقوَّتُه لِكِبَرِ سِنِّه، ولزمَ العزلةَ والإقبالَ على الخير، سُعيَ عليه لذلك، فوُلِي افتخارُ الدِّينِ ياقوتٌ الخَزنداري (٢) عِوضَه، في سنةِ ثمان وخمسين وسبعِ مئةٍ، ولزمَ التَّأدُّبَ معَ صاحبِ التَّرجمةِ بحيثُ كانَ يأتيه إلى مجلسِه ويُعرِّفه بالشَّهر، ويتقرَّبُ إليه حتَّى أحبَّه، وصارَ يقول: أنا خادمٌ محُتشمٌ رئيسٌ، ولقد صدقَ فيما قال. فلم يلبثْ أنْ ماتَ في أيَّامِه سنةَ إحدى وستين وسبعِ مئةٍ. ولخَّص بعضهم هذه الترجمةَ، وقالَ: إنَّه بعدَ استقرارِه حسُنَتْ سيرتُه إلى الغاية، ولازمَ التِّلاوةَ والعبادة، وعملَ آثارًا حسنةً بالمسجدِ الشَّريفِ معَ شدَّةٍ على الرَّافضة، وقيامٍ في الأمورِ الشَّرعيةِ، ومعَ ذلكَ فعُزِلَ بصفيِّ الدِّينِ جوهر، ولكن لم يتمَّ له أمر، وعُزلَ قبلَ خروجِه من القاهرةِ، واستمرَّ دينارٌ على عادتِه، ثمَّ عُزلَ بالشَّرفِ مختصٍّ الخازنداري، فباشرَ بأخلاقٍ غيرِ مَرضيةٍ، وترفَّعَ على النَّاسِ، فعُزِلَ وأُعيدَ دينارٌ، وبقي مختصٌّ نائبَه في المشيخةِ لكِبَر سنِّ دينارٍ، وإقبالِه على العبادة، وإلى أنْ ماتَ بعدَ عزلِه قُبيلَ موتِه سنةَ ثمانٍ وخمسين بافتخارِ الدِّينِ ياقوت. وذكرَه الجدُ (٣)، فقال: وكانَ كلَقَبِه ذا عزٍّ ودين، وحِشمةٍ وتمكين، ورئاسة وترقين (٤)، وطريق رضيٍّ وحُسن


(١) شمس الدين، صوابٌ الجمداريُّ، ستأتي ترجمته في حرف الصاد.
(٢) ياقوت بن عبد الله الخزنداريُّ، شيخ الخدَّام في المسجد النبوي، كان عارفا بأمور الدنيا وتصاريفها، طالت مدَّته، وكان ذا حقدٍ شديد، إذا استُرضي لا يرضى، مع طلاقة الوجه، ولين الكلمة، توفي سنة ٧٥٩ هـ. "نصيحة المشاور"، ص:٤٩، ٥١، و "الدرر الكامنة " ٤/ ٤٠٨.
(٣) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٠١.
(٤) ترقين: تحسين. "القاموس": رقن.