للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالت: نعم. قال: فأخرجي المال، وهذهِ أربعةُ آلاف دينارٍ معي، قالت: إني قد دفنتُه وسأُخرجه، وخرجَ ربيعةُ إلى المسجد، فجلسَ في حلقته، وأتاه مالكٌ، والحسنُ بنُ زيدٍ، وابنُ أبي عليٍّ اللَّهبيُّ، والأشرافُ، فأحدقوا به، فقالت امرأةُ فرُّوخَ: اخرج فصلِّ في المسجد، فخرجَ فنظرَ إلى حلقةٍ وافرةٍ، فأتى إليها فوقف، ففرَّجوا له قليلًا، ونكسَ ربيعةُ، يوهمُ أنَّه لم يره، وعليه طويلةٌ، فشكَّ فيه أبو عبدِ الرَّحمنِ، فسأل: مَن هذا؟ فقالوا: ربيعةُ، فرجعَ إلى منزلِه، وقال لأمِّه: لقد رأيتُ ولدَكِ في حالةٍ ما رأيتُ أحدًا مِن أهلِ العلمِ والفقهِ عليها، قالت: فأيُّما أحبُّ إليك، المالُ الذي تركتَه أو ما رأيته؟ قال: لا، والله إلا هذا، قالتْ: فإني قد أنفقتُ المالَ كلَّه عليه، قال: فواللهِ ما ضيَّعتيه، انتهى.

وهي حكايةٌ عجيبةٌ، لكن توقَّف الذَّهبيُّ فيها (١)، وكذَّبها لوجوهٍ:

- منها: أنَّ ربيعةَ لم يكن له حلقةٌ وهو ابنُ سبعٍ وعشرين سنةً، بل كانَ في ذلك الوقتِ شيوخُ المدينةِ، مثلُ القاسمِ، وسالمٍ، وسليمانَ بنِ يسارٍ، وغيرُهم مِن الفقهاءِ السَّبعةِ.

- ومنها: أنَّه كانَ مالكٌ حينَ بلوغِ ربيعةَ هذا السِّنَّ فطيمًا، أو لم يولد بعد.

- ومنها: أنَّ الطويلة لم تكن خرجتْ للنَّاسِ، وإنَّما أخرجَها المنصورُ، فما أظنُّ ربيعةَ لبسها، وإنْ كانَ لبسَها، فيكونُ في آخرِ عمره، وهو ابنُ سبعين سنةً، لا وهو شابٌّ.

- ومنها: أنَّه كانَ يكفيه في المدَّةِ المذكورةِ ألفُ دينارٍ لا أكثرُ.


(١) "سير أعلام النبلاء" ٦/ ٩٤.