للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُمرِه، وحكَى لي مَن أثقُ به: أنَّه جاء كتابٌ مِن مَكَّةَ إلى الشَّمسِ صوابٍ المُغيثيِّ، أنْ يعطيَ الزُّبيرَ مئةَ درهمٍ، ولم يعلمْ بما فيه أحدٌ، فحصلَ عندَ الطواشيِّ مِن المئةِ نصفُها، فأرسلَها إليه مع الجمالِ المَطريِّ، وكانَ يفرحُ بخدمةِ الصَّالحين، وإدخالِ المسرَّةِ عليهم، فلمَّا أتاه بالخمسين قال له: قد بقيَ مثلُ ذلك، وردَّها، فرجعَ إلى المُغيثي، وحكى له ما جرى، فقال له: صدقَ الشَّيخُ، هي مئةٌ، ولكنْ لم تتيسَّرْ لي، وأحببتُ تعجيلَ ما تيسَّرَ لينتفعَ به حتَّى يُحصَّلَ الباقي، فرجعَ الجمالُ إليه وأعلمَه، فقال: ألمْ أقلْ لكَ؟ فقالَ له: فمِنْ أينَ علمتَ هذا؟ فقالَ: رأيتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في المنامِ، فشكوتُ له حالي وفاقتي (١)، فأعطاني مئةً، فلمَّا أعطيتني خمسين، علمتُ أنَّ الرُّؤيا حقّ، فطلبتُ الباقي، فلا تلُمني.

وذكرَ لي: أنَّه كانَ يومأ على فاقةٍ، فرأى النَّبى -صلى الله عليه وسلم-، فأعطاه ستةَ عشرَ درهمًا، وقالَ له: خذْ هذهِ فأنفقْها، والأمرُ أقربُ مِن ذلكَ، قال: فانتظرتُ، فلم يأتني شيءٌ، فلمَّا صلَّيتُ الظُّهرَ صلَّى إلى جنبي الشَّيخُ أبو بكرٍ الشِّيرازيُّ (٢)، فجعلَ تحتَ سجادتي شيئًا، ثمَّ مضى، وكانَ التَّعاملُ يومئذٍ بينَ النَّاسِ بالعلوية، وهي قُطيعاتُ فِضّةٍ مسكوكةٍ باسمِ صاحبِ المدينةِ، كلُّ واحدٍ صَرْفُه سدسُ درهمٍ، ولم تكنْ يومئذٍ فلوسٌ، قال: فكشفتُ السَّجادةَ، فوجدتُ علويةً صَرْفُها تلكَ العِدَّةَ التي


(١) هذه رؤيا منام، والمنامات لا يؤخذ منها أحكامٌ شرعية، والشكوى في حال اليقظة تكون لله تعالى، كما قال سبحانه حكايةً عن يعقوب عليه السلام: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}.
(٢) أبو بكرٍ الشيرازيُّ، نزيل المدينة المنورة، عالمٌ صالح، صحبَ أبا العبَّاسَ المرسيَّ، وأخذ عنه أحمدُ التُّستريُّ، توفي سنة ٧٣١ هـ. "نصيحة المشاور"، ص: ١١٠، و"المغانم المطابة" ٣/ ١١٦٧=