للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتردَّدَ إليهِ كثيرونَ مِنْ فضلاءِ المذاهِبِ، كالشيدِ شيخِ القجماسيةِ (١)، وعباسٍ المغربيِّ، وغيرهما، فكانَ يتدَّرَبُ بمُذاكرتِهِمْ.

بلْ قرأَ على الفخرِ الدِّيَمِي: "البُخاريَّ"، وكذا: "الشفاءَ" غير مرة، وغير ذلك. وتميَّز، وشارك في الفضائل، وظهرت براعته، وعمل شاديّة (٢) جدّة سنين، بلْ ندبَهُ السُّلطانُ للوقوفِ على عِمارتِهِ في: البنْدقانيين والخشَّابين (٣)، وقبلَ ذلكَ في مكَّةَ ونوَاحِيهَا، كإجراءِ عينِ عرفةَ، وعمارةِ مسجدَيْ نَمِرَةَ، والخَيفِ (٤)؛ فشُكِر، وكانتْ لهُ في كلِّهِ اليدُ البيضاءُ، وحُمِدت مُباشرتُهُ بالنِّسبةِ لغيرِهِ؛ لعقلِهِ، ورِفقِهِ، وفهمِهِ، وعدمِ هرجِهِ، وسكُونِهِ، وهو في كلِّ ذلك راغبٌ في لقاءِ الفُضلاءِ، محبٌّ في الاستكثارِ مِنَ الفَضَائِلِ، إلى أنْ استقرِّ بهِ [الأمرُ] في مَشيخةِ الخُدَّامِ بالمَدِينةِ النَّبوِيِّةِ سنةَ إحدَى وتِسعينَ عقبَ شُغورِهَا بموتِ قانمٍ قليلا. وأرسل


(١) القاجماسية السجناء: باللغة التركية، فلعله شيخ السجن أو السجاء، وقد ورد هذا اللفظ في "شذرات الذهب" ٨/ ٢٠٢ وصف به الشمسي بن رمضان. وينظر: "أوقاف الحرمين الشريفين في العصر المملوكي" ١٨٨
(٢) لعله: المفتش لدولة المماليك في مدينة جدة آنذاك، وينظر: "معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي" محمَّد دهمان: ٩٥
(٣) والبندقانيين سوق العبيد، وقد عرف بالقاهرة.
والخشابين جمع خشَّاب: صانع الخشب. ينظر: "تاريخ دمشق" ٤٤/ ٢٢١، و"شذرات الذهب" حوادث سنة ٩١٣، و"إنباء الغمر" حوادث سنة ٨١٠ هـ
(٤) مسجد نمرة بعرفات، ومسجد الخيف بمنى.