للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بماءِ مُوالاتِهم وممالأتِهم مجبولة.

وكانَ ينوبُ عن أخيهِ كُبيشِ، في تلكَ الأيامِ القليلةِ التي لم يَصْفُ له فيها عيش، ثمَّ إنَّه لمَّا هجمَ وُديٌّ على المدينةِ بما معه من رَجِلِ وخيل، واستولى عليها، وأُخرجَ منها بعدَ المقاتلةِ طفيل، سارَ طفيلٌ على قدمِه إلى الدِّيارِ المصرية، وأخبرَ السُّلطانَ بما اتَّفقَ من هجومِ تلك السَّرية، وأقامَ ببابِه مُكرمًا، والسُّلطانُ يُسدِي إليه بعد الغمِّ أنعمًا، فطمعَ وُديٌّ في مرسومِ السُّلطان، وإقرارِه على ما كان منه مِن انتزاعِ الملكِ مِن الأقران، فجهَّزَ هديةَ سَنمِة، وتوجَّهَ بنفسِه إلى الأبوابِ العلية، فلمَّا وصلَ إلى مصرَ في أثناءِ شهرِ رمضان، ودخلَ على السُّلطانِ قَبِلَ هَدِيته، وأجزلَ عَطِيَّته، وأمهلَه إلى انسلاخِ الشَّهرِ السَّعيد، فلمَّا كانَ ليلةُ العيد، برزَ له المرسومُ بالحبسِ والتَّقييد، ورجعَ طُفيلٌ إلى كبيشٍ بالباديةِ عندَ العُربان، وجهَّزَ مِن عندِهم هدية حفيلةً ورجعَ بها إلى السُّلطان، ووصلَ بها في الثَّاني عشرَ مِن شهرِ شعبان.

فلمَّا كانَ بعدَ أيامِ وصلَ الخبرُ إلى مصرَ بأنَّ أولادَ مُقبلِ بنِ جمَّازٍ، قتلوا كُبيشًا بالحجاز، فخلعَ السُّلطانُ على طفيلِ بنِ منصور، وولّاَه المدينةَ بتقليدِ ومنشور، فدخلَ المدينةَ في الحادي عشرَ مِن شوَّالِ مِن العامِ المذكور، وطارَ مَنْ كانَ بها مِن آلِ وُدَيٍّ طيرانَ الصُّقورِ مِن الوُكور (١).

واستمرَّ طُفيلٌ في المدينةِ حاكمًا، والعدوُّ خارجًا عليه مُتراكمًا، يشنُّون على المدينةِ


(١) الوُكور: جمعُ وَكْرٍ، وهو عشُّ الطائر. "القاموس": وكر.