للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سيأتي في ابنِ الصَّفي.

وذكرَه المجدُ (١) فقال: أبو محمَّدٍ المغربيُّ، الفلسفيُّ، المنطقيُّ، الحكيمُ، المكشوفُ الرَّأس؛ لانَّه كان كذلك صيفاً وشتاءً (٢)، كانَ من أكابرِ العلماء المطَّلعين (٣) على العلومِ اليونانية، وأكابرِ الفضلاءِ المتضلِّعين بالعلومِ الإيمانية، انقطعَ إلى المجاورةِ بالمدينةِ، وانجمعَ (٤) إلى نفسه وعبادتِه في سكونٍ وسكينة، جمعَ مِن غرائبِ الكتبِ ونفائسِها أحمالا، وصرفَ في تحصيلِها وتصحيحِها أعماراً وأموالا، وحازَ من الأصولِ الفاخرةِ صناديقَ وسِلَالا، وجلُّها كتبُ الحديثِ والفقه، والتاريخِ والطِّبِّ، والمنطقِ والحكمة، وعلومٍ أخرى شتَّى، لم ينهضْ لمعرفتِها في عصرِنا هِمٌّ ولا هِمَّةٌ (٥)، وأكثرُها بالخطوطِ الفائقةِ المليحة، وأصولٌ متقنةٌ مضبوطةٌ صحيحة، وكانَ مِن عادتِه إذا حجَّ إلى بيتِ الله الحرامِ أنْ يُهيئَ ما يحتاجَ إليه أهلِه وعيالِه، من الماءِ والطعامِ والإدام، ويجمعَ العيالَ والزَّادَ في منزلِه، ويسدَّ عليهم البابَ بالبناءِ الموثوق، ولا يطَّلعُ على شيءٍ من أحوالهِم مخلوق، ولا يزالُ البيتُ كذلك حتَّى يرجعَ إليهم، ويفتحَ البابَ بيدِه عليهم.


(١) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٣٠.
(٢) إن غطاء الرأس أدب من آداب الإسلام، وهو حري بأهل العلم وطلابه، ولعل صاحب الترجمة كان له وجهة أو عذر بذلك، والله أعلم.
(٣) في المخطوطة: المتضلعين، وهو تحريف.
(٤) في المخطوطة: واجتمع.
(٥) الهِمُّ: الشَّيخُ الفاني. "القاموس": همم.