للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشيخُ الصَّالحُ، الوليُّ الربانيُّ. كانَ في بلادِهِ مِنْ أكابرِهَا في النَّسبِ، ومِنْ أعيَانِهَا في المالِ والحسَبِ (١)، فخرجَ عنْ ذلكَ كلِّهُ، وانقَطَعَ إلى اللهِ ورسولِهِ، وخرجَ مجرَّدًا فقيرًا، وصحبَ مشايخَ وقتِهِ بشرقِ البلادِ وغربِهَا، كالشيخِ أبِي محُمَّدٍ عبدِ اللهِ بنِ محُمَّدٍ المرجانيِّ (٢)، وغيرِه، ونَقلَ عنِ المرجانيِّ أنّهُ كانَ يقولُ: لا يجوزُ استنباطُ معنى مِنْ لفظٍ إلَّا بخمسةِ شروطٍ:

-أنْ لا يُخلَّ بالفصاحةِ،-ولا بالمعقولِ،-ولا بالمنقولِ،-وأنْ يكون اللَّفظُ يَحتملهُ،- وأنْ يؤخذَ مِنْ روحانيةِ ذلكَ اللَّفظِ.

قالَ: واحترزنَا بالأخِيرِ عنْ أنْ يُؤخذَ مِنْ معنى يُشبِهُهُ، مثالهُ: ماءُ الوردِ وماءُ النِّسرينِ (٣) فكلاهما مشتَبِهٌ، ولكلٍّ منهما خاصيةٌ.

ثُمَّ أوى إلى المدينةِ الشَّريفةِ في وقتٍ شديدٍ، على قدمِ التَّجريدِ، فأقامَ أولًا بالمدرسةِ الشِّهابيةِ مدةً، ثُمَّ انتقلَ إلى رِباطِ دكالةَ، ومعهُ جماعةٌ مِنْ أهلِ المجاهدةِ


= وفي المصدرينِ الأولينِ: المغربي، بدل: المغراوي، وهو في "تعريف الخلف برجال السلف" ٢/ ٢٤٠.
والبَسْكَريُّ نسبةٌ إلى بسكرة: بلدةِ بالمغرب، بكسر الباء والسين، أو فتحهما. "معجم البلدان" ١/ ٥٠١. قلتُ: وهي اليوم في الجزائر.
(١) في المخطوطة: والنسب، والتصويب من السياق.
(٢) عبدُ اللهِ بنُ محمَّدٍ المرجانيُّ، التونسيُّ، عالم، مفسِّر، زاهد، له شهرة كبيرة، توفي سنة ٦٩٩ هـ. "مرآة الجنان" ٤/ ٢٣٢، و"الوافي" ١٧/ ٣٢٠.
(٣) النِّسرين: وردٌ. "القاموس": نسر.