للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورُوَّادُهُم، والتفَّ عليهِمْ الأعيانُ والخُدَّامُ، وقُصدُوا مِنَ اليمنِ والشَّامِ.

وكانَ الشَّيخُ رحمهُ اللهُ يأبَى العَيشَ الرَّغدَ، ولا يدَّخرُ أبدًا شيئًا لغدٍ، ولا يردُّ المسكينَ والفقيرَ، ولا يتَعدَّى في الملبسِ خَلَقَ نَقِير، ويتصدَّقُ بجمِيعِ ما حضرَ مِنَ القليلِ والكثيرِ، فيقولُ للسائلِ: ارفعِ الحصيرَ، وخذْ ما تحتَ الحصيرِ.

وإذَا أطْعمَ الفقراءَ أوفى حقَّ الإنعامِ، حتَّى لمْ يدعْ في بيتِهِ البتَّة شيئًا مِنَ الشَّرابِ والطَّعامِ، واشتُهِرَ عنهُ سيرةُ السلفِ الغابرينَ، وكذلكَ عنْ أصحابِهِ الأخيَارِ الصَادقينَ الصَّابرينَ.

وكانَ الشَّيخُ رحمهُ اللهُ إذا دخلَ المسجِدَ خَضَعَ لِهَيبتِهِ كلُّ إنسانٍ، وإذَا رأَى مُنكرًا بَادرَ إلى إِنكارِهِ باليَدِ، وإلّا فباللِّسانِ، وكان مِنْ باهِرِ كراماتِهِ أنَّهُ إذا تظلَّمَ إليهِ مظلومٌ شفعَ لهُ، فإنْ شُفِّع فيهِ وإلَّا لحقَ الظالمَ في الحِينِ منهَا عقوبةُ ما فعلَهُ.

وفي الجملةِ فلهُ المناقبُ السنيَّةُ، والمراتبُ العليَّةُ، ولهُ القصيدةُ المباركةُ المشهورةُ التي منهَا (١):

دارُ الحبيبِ أحقُّ أنْ تهواها … وتحنَّ من طَربِ إلى ذِكْراها

والحمدُ لله الكريم وهذه … كَمُلَتْ وظنِّي أنّه يَرضَاها

رأَى بعضُ الصَّالحينَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- في المنامِ، وقدْ أنشدَهُ هذ القَصِيدةَ، وهُوَ -صلى الله عليه وسلم- يَقولُ: رضينَاهَا رضينَاهَا. انتهى.

ومِمَّنْ روَى القصيدَةَ عنهُ سَماعًا غيرَ مرَّةٍ: عبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ


(١) القصيدة بتمامها في "تحقيق النصرة"، ص ٢٠٨، و "وفا الوفا" ٥/ ١٢٧.