للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مهماتِ أمرِ الدِّينِ، وخدمةِ الوافدينَ والورادينَ، وهو لهم كالأبِ الرَّؤوفِ، والمُشفِقِ العطوفِ، يتلقَّاهُم مِنَ الإحسانِ بأتمِّ الصُّنوفِ، فما مِنهم مِنْ أحدٍ إلَّا وهوَ ببرِّهِ محفوفٌ، ومعروفهُ إليهِ معروفٌ، ونهارهُ بإسماعِ الحديثِ ونشرِ العلومِ موصوفٌ.

خُصَّ، في عِلمِ الحديثِ مِنَ الله بمزيدِ عطايَا، فصارَ يضربُ بهِ وإليهِ أمثالُ البرايَا وأكبادُ المطايَا.

وقد ابتُليَ بمحنةٍ ثبّتَهُ اللهُ فيها وصبَّرهُ، ولم يغضَّ بِهَا عَنْ قدرِهِ بل كبَّرهُ.

وقالَ ابنُ صالحٍ: إنَّهُ تركَ النِّساءَ والدُّنيا، ومخالطةَ أهلِهَا (١)، واشتغَلَ بنفسِهِ وبتربِيةِ أخيهِ وأولادِهِ وأولادِ أختِهِ، وروى الحديثَ ونشرَهُ، وكانَ كثيرَ الشَّفقةِ على الفقراءِ والمساكينِ، مواسيًا مَنْ يَقْصِدُهُ مِنَ المسلمينَ، جيِّدَ الخُطبةِ، مشهورًا بكرمِ النَّفسِ، كريمًا في أحوالِهِ، عَزيزًا بينَ أقرانِهِ، بقيَ خليفةً لأبيهِ على طريقتِهِ في فعلِ الخيرِ، وسعَى في قضاءِ دينٍ على أخيهِ، وماتَ كأبِيهِ ولهُ نحوُ سبعينَ سنةً.


(١) تركُ الزَّواجِ ليس من الدِّين كما سبق قريبا، والمخالطةُ إن كان فيها تعاون على البر والتقوى، فهي مأمور بها، وإن كان فيها تعاونٌ على الإثم والعدوان فهي منهي عنها، فالاختلاط بالمسلمين في جنس العبادات كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحو ذلك هو مما أمر الله به ورسوله، وهكذا العبادات التي فيها مخالطة، كما أن للعبد من الأوقات ينفرد بها بنفسه في دعائه وذكره وصلاته وتفكره ومحاسبة نفسه وإصلاح قلبه، وما يختص به من الأمور التي لا يشركه فيها غيره، فهذه يحتاج فيها إلى انفراده بنفسه، وعموما اختيار المخالطة مطلقًا خطأ واختيار الانفراد مطلقًا خطأ، كما حرر ذلك العلماء.