للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واتَّهمَهُ أنَّ للطواشيِّ عندَهُ مالًا، فحلفَ لهُ أنَّه ليسَ لهُ عِندهُ شيءٌ، فلمْ يُصدِّقهُ، وأنزلهُ مع غَيرِهِ مِنْ أخصامِهِ الجُبَّ، وأقامَا بهِ نحوَ يومَيْنِ بلياليهِمَا، وكانتْ حادثةً شنيعةً غَرِمَ فيهَا ودائعَ كانتْ تحتَ يده؛ فإنَّه نُهِبَ جميعُ ما في حوزتِهِ مِنْ كتبٍ وأثاثٍ ومالٍ، ولمْ يلبثْ ثابتٌ إلّا يسيرًا، وقُتلَ بعدَ أنْ ضاعَ ممَّا نُهبَ جملةٌ، وهي دونَ عشرةِ آلافٍ، وآل الأمرُ إلى أنْ اشتَرَى العفيفُ كتبَهُ مِنَ الوزيرِ محُمَّدِ بنِ يعقوبَ، وعوَّضَهُ اللهُ خيرًا مِمَّا ذهبَ لهُ.

وذكرهُ المجدُ (١)، فقال: شيخُ العلمِ والحديث، والتَّصوُّفِ والتَّأذِينِ، بحَرمِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، جمعَ إلى حُسنِ الخَلْق محاسنَ الأخلاقِ، ورحلَ إلى مِصرَ والشَّام والعراقِ، وبرعَ في علمِ الحديثِ والتَّاريخِ وفاقَ، وصارَ عَديمَ النَّظِيرِ فيهمَا بالاتِّفاقِ.

أدركَ مِنْ أكابِرِ المسندِينَ جمعًا كثيرًا، ولَقِيَ من المشايخِ المعتبَرِينَ جمًا غفيرًا، اختارَ متاعبَ السَّفرِ على الإِسارِ في سِرارِ (٢) أُسرتِهِ، فسفرَ السَّفَرُ عن سرارةِ أساريرِ (٣) غُرَّتِهِ، رجعَ عن بغدادَ وتبريز؛ وقدْ سبَكتْهُ المسافرةُ سبكَ الذَّهبِ الإبريزِ، وبرزَ في العلومِ على الأقرانِ أيَّ تبرينر، فأقامَ في مولدِ أشرفِ البلادِ، مُتَنَحِّيًا عنِ التَّعلقِ بالأهلِ والأولادِ، سالكًا مسالكَ المجرَّدِينَ، صارفًا أوقاتَهُ في


(١) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٣٢.
(٢) سِرار: ربوع ووسط. "القاموس": سرر.
(٣) الأساريرُ: محاسنُ الوجه. "القاموس": سرر.