للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبمَكَّةَ من: الرَّضيِّ الطبري، وغيرِه، وخرَّجَ له الشَّرفُ ابن سُكَّر المصري (١) نزيلُ مكَّةَ، "مشيخة كبيرة" حَفِلَة (٢)، مشتملةً على شيوخِه ومرويَّاتِه، وعن والدِه أخذ الفقهَ والعربيةَ.

وكانَ من الأئمَّةِ الأعلامِ، ومصابيحِ الظَّلام، عالمًا بالفقهِ والتفسيرِ، وفقهِ الحديثِ ومعانِيه، وسمعتُهُ يقولُ: لزمتُ "تفسيرَ ابنِ عطية" حتى كدتُ (٣) أحفظُهُ، وبرع في العربيَّةِ، وتصانيفُهُ فيها شاهدةٌ له بذلك، ولمَّا لقيَهُ أبو حَيَّان ووقفَ على كلامِهِ في إعرابِ "بانت سعاد" (٤) قالَ: ما ظنَنْتُ أنه يوجد بالحجاز مثلُهُ، واستعظمَ علمَه (٥) وأثنى عليهِ، وسمعتُهُ يقولُ: اشتغلتُ في العربيَّةِ وأنا ابنُ ثمانَ عشرةَ سنةً.

وتخرَّجَ عليه فيها جماعةٌ فضلاء، وكانتْ مشاركتُهُ في أصولِ الدِّينِ حسنةً، وحدَّثَ ودرَّسَ وأفادَ، وإليهِ انتهتِ الرِّياسةُ بالمدينةِ النَّبويَّةِ، أقامَ مدرِّسًا للمالكيَّةِ، ومتصدِّرًا للاشتغالِ (٦) بالحرمِ النَّبويِّ اكثرَ مِنْ خمسينَ سنَةً، وانفردَ في آخر عُمرِه


(١) كذا في الأصل نقلًا عن: "الديباج المذهب": الشَّرف، والظَّاهرُ أنَّه وهمٌ؛ وصوابُه: الشَّمسُ ابنُ سكَّر، وهو محمَّدُ بنُ عليِّ بن محمَّدٍ المصريُّ، توفي سنة ٨٠١ هـ. "الضوء اللامع" ٩/ ١٩.
(٢) في "الديباج": حفيلة، ولعلها أوجه.
(٣) في الأصل: كنت، والتصويب من "الديباج".
(٤) وهي قصيدة أنشدها كعب بن زُهَيْر عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورد ذلك في حديثٍ أخرجه البيهقي في "سننه" ١٠/ ٢٤٣.
(٥) في الأصل: عليه، والتصويب من "الديباج".
(٦) في الأصل: للأشغال، والتصويب من "الديباج".