للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأوسعَهم جاهًا، وأنفذَهم كلمةً، وأعظمَهم حُرمةً، وألينَهم عَريكةً، وأحسَنَهم بشاشَةً وبِشرًا (١)، صبورًا على الأذى، يَجزِي بالسَّيئةِ الحسنةَ، ويسعُ النَّاسَ بخُلُقه، ويواسي الفقراءَ بمعروفِه، ويقتُلُ أعداءَه ببِرِّه، ويحفظُ مَنْ مات منهم في ذريَّتِهِ.

وبهمَّتِهِ وسياستِهِ أزالَ اللهُ تعالى أحكامَ الطَّائفةِ الإماميَّةِ مِنَ المدينةِ، فعُزِلتْ قضاتُهم، وانكسرت شوكتُهم، وخمدت نارُهم؛ وذلك أنَّهُ لمّاَ باشرَ الأحكامَ نيابةً عن القاضي تقيِّ الدِّينِ الهُورِينِي في سنةِ ستٍّ وأربعينَ وسبعِ مئةٍ سعى في عزلِ قُضاتِهم؛ فنودِيَ في شوارعِ المدينةِ بتبطِيلِ أحكامِهِمْ، والإعراضِ عن حُكَّامِهم، فكانَ ذلكَ أوَّلَ أسبابِ قوَّة أهلِ السُّنَّة، وإخمادِ البدعةِ، وعُلُوِّ أمرهِم، وكم له من حسناتٍ في تمهيدِ إعزازِ السُّنَّةِ، وإخمادِ البدعةِ، وله تواليفُ في أنواع شتَّى منها: "الدُّر المُخَلَّص من التَّقَصِّي والمُلخَّص" (٢)، جمعَ فيه بين أحاديثَ الكتابينِ (٣)،


(١) في الأصل: وبشرى.
(٢) في الأصل: المخلص، وكذا في "الديباج"، والتصويب من "الضوء اللامع" ٤/ ١٣١، وكذا جاء على الصواب في "الرسالة المستطرفة" ص ١٥، و "الأعلام" للزركلي ٤/ ١٢٦.
(٣) الكتاب الأول هو "التَّقَصِّي لحديث مالك" لابن عبدِ البَرِّ، جمع فيه ما في الموطأ من الأحاديث المرفوعة موصولةً كانت أو منقطعة، مرتبة على شيوخ مالك. "الرسالة المستطرفة" ص ١٥.
والكتاب طبع في مكتبة القدسي بالقاهرة، سنة ١٣٥٠ هـ.
وأما الثاني فهو "المُلَخَّص" لأبي الحسن عليِّ بنِ محمَّدٍ، القابسي، المتوفى سنة ٤٠٣ هـ، جمع فيه ما اتصل إسناده من حديث مالك بن أنس رضي الله عنه في كتاب "الموطأ" رواية أبي عبد الله عبد الرَّحمنِ بن القاسم المصري. انظر "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٢٠.
وكتاب الملخص طبع حديثا سنة ٢٠٠٨ م بدار الكتب العلمية.