للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلت: وقد روَى عنهُ الزَّينُ أبو بكرٍ المراغيُّ بالإجازةِ.

وقال ابنُ صالحٍ: إنَّهُ كانت غيبتُهُ بعدَ ولايتِهِ الأولى قدرَ عشرِ سنين، وكان يسألُ اللهَ في رجوعِهِ إلى المدينةِ ليموتَ بها، ويسألُ مَنْ يعتقدُه مِن النَّاسِ بها الدُّعاء له بذلك، فأُجيبوا، ورُدَّ إلى المدينة، وبلغَ مقصودهُ، وجاءَ معهُ وَلدُهُ القاضي نورُ الدِّين علي، فهنأتُهُ بقصيدةٍ، وسردهَا، وأولها:

يا أيُّها القاضي السَّعيدُ لكَ الهنَا … بالعَودِ نحوَ المصطفى المزَّمِّل

واستمرَّ حتَّى ماتَ في أوَّلِ سنةِ ستينَ وسبعِ مئةٍ بالمدينة، واستقرَّ بعدهُ التَّاجُ محمَّدُ بنُ عثمانَ الكركيُّ (١).

وذكرهُ المجدُ (٢) فقال: وليَ قضاءَ المدِينةِ في عامِ خمسٍ (٣) وأربعين، فوردَها بعِلمٍ غزيرٍ، وفضلٍ كثير، وعقلٍ مَزيرٍ (٤)، ورياسةٍ تصعدُ إلى الفَلك الأثيرِ، وهيبةٍ ترعبُ الجاهلَ الغريرَ، ويتأدَّبُ معها العاقلُ الكبيرُ، ونصرةٍ للشَّرع حيث لا مُعين ولا نصير، وقيامٍ في الحقِّ ببأسٍ يخضعُ له الفَطِنُ البصيرُ، مع الشَّكَالة الصَّبِيحَة، والشيبَةِ الملِيحةِ، واللَّهجةِ الفصِيحةِ.

واستنابَ في الحكمِ القاضي بدرَ الدِّينِ ابنَ فرحون، فقامَ بِه قيامًا صفَّى


(١) محمَّدُ بنُ عثمان الصرخديُّ، المعروف بالقاضي تاج الدين الكركيُّ، توفي بمصر. "الدرر الكامنة" ٤/ ٤٧.
(٢) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٢٩.
(٣) في الأصل خمسين، وهو تحريف، والمثبت من "المغانم".
(٤) المزير: نافذ الرأي، "القاموس": مرز.