للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قطعتَ رزقَنا. ولم يزلْ ذلك دأبِي معهم حتَّى ماتُوا وهم أحياء.

ثمَّ إنَّ صاحبَ الترجمةِ كُفَّ بصرهُ في أثناءِ السَّنةِ، بسببِ ماءٍ نزلَ في عينيه؛ فسافرَ إلى مصرَ مع الحُجَّاج ليقدحَهما ويعودُ. واستمريتُ نائبًا عنهُ في سنةِ سبعٍ وأربعين، وشدَّدتُ على الإماميَّةِ في نكاحِ المتعةِ، ونكَّلْتُ بفاعلِهَا، وحملتُ النَّاس على مذهبِ مالك، وأخمدتُ نار البِدعة، وأظهرتُ السُّنةَ، وعزَّرتُ مَن تكلَّم في الصَّحابةِ، فلم يَزدِ النَّاسُ إلا طاعةً وإقبالًا.

وأقامَ القاضي بمصرَ يعالجُ عينيه فسعى عليهِ [صهرُ] (١) الشرف الأُميوطي، وهو البدرُ حسن فعُزلَ، مع أنَّ صاحبَ التَّرجمةِ كان يحبُّ الإقامةَ بالمدينةِ رغبةً في الوفاةِ بها، فلم تَرجعْ إليه صحَّةُ عينيهِ حتى خَرجَ عنهُ المنصب، فلمَّا كان في حادي عشرَ ربيع الآخر سنةَ تسعٍ وخمسين أُعيدَ بعد انفصالِ شمسِ الدِّينِ ابن السَّبع، واستمرَّ على عادتِهِ في فصلِ الأحكامِ وسياسةِ الأنامِ، مقبِلًا على العِبادةِ والاشتغالِ بما يقرِّبُهُ مِنَ اللهِ تعالى، وجريتُ معهُ على العادةِ في نيابةِ الحكم.

وحاولَ الأميرُ جمَّاز -وكان استقرَّ هو وإيَّاه في هذهِ الوِلاية في وقتٍ واحدٍ- رجوعَ الإماميةِ إلى ما كانُوا عليه، وأذنَ ليوسفَ الشبرمي في الحكمِ بين الغرماءِ، فظهرت كلمتُهم وارتفعتْ رؤوسهم، وكانَ ذلك سببًا لقتلهِ، كما سبق في ترجمتِهِ.


= الكامنة" ٤/ ٣٦٨، و"نصيحة المشاور" ص ٢٠٥، ٢٠٦.
(١) في الأصل: صهره، فالشرف الأسيوطي صهر البدر الحسن، وليس صاحب الترجمة.