للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغالبِ، أو غلَّابًا، ومَن ساق نسبَهُ فقال: عبدُ السَّلامِ بنُ عبدِ الغالبِ بنِ غلابٍ أبو محمَّدٍ القَرَويِّ، وقالَ بعضُهم: القيروانيُّ (١)، المغربيُّ، المالكيُّ.

قالَ ابنُ فرحونٍ (٢): كانَ عالمًا سيدًا، انتفعَ بهِ الطَّلبةُ في المذهبِ، وكانَ قد جمعَ إلى العلمِ الغزِيرِ، الدِّينَ المتينَ، والعقلَ الرَّاجحَ. كانَ في عقلهِ، وسكونهِ، وحسنِ خُلُقِهِ، وجميلِ معاشرتِهِ، وسلامةِ النَّاسِ من يدهِ ولسانهِ، والصَّبرِ على الأذى، ومقابلةِ السَّيئةِ بالحسنةِ، قد رأسَ واشتُهر ذِكره، فلم يزِدهُ ذلك في نفسِهِ إلا خمولًا وانقباضًا، بحيثُ لم أرَ ولم أسمعْ منه ما يسوءُني قطُّ، مع الصُّحبةِ الطَّويلةِ، والملازمةِ العظيمةِ في الدُّروس وغيرِها، بل كانَ يتأدَّبُ معي في الدَّرسِ كأصغرِ الطَّلبة، ولم يقع بيني وبينه في الدَّرسِ حَرجٌ من حُسن خلقهِ، كلُّ ذلكَ مع حُسنِ الشكالةِ والسَّمتِ، والحياءِ والوقارِ والشفقةِ، وكان قد صحبَ الشيخَ أبا هادِي الآتي (٣)، فكان مقدَّمًا عنده على أصحابِهِ القرَّاءِ والمشتغلينَ، وكان الشيخُ أبو الطيبِ يقول: مَن أرادَ أن ينظرَ إلى مَن يقدرُ على مُساكنةِ الحيةِ في جُحرها، فيسلمَ منها وتسلمَ منه، فلينظر إليه. وقد قالَ ابنُ دريدٍ (٤):


(١) نسبة إلى مدينة قيروان، بتونس، والنِّسبة إليها قيرواني، وقروي، "معجم البلدان" ٤/ ٤٢١.
(٢) "نصيحة المشاور" ص ١٧٦.
(٣) ترجمة أبي هادي في الكنى، وهو في القسم المفقود من الكتاب.
(٤) أبو بكر محمَّدُ بنُ الحسنِ بنِ دريد البصريُّ، العلَّامة شيخُ الأدب، صاحب: "الجمهرة في اللغة"، توفي سنة ٣٢١ هـ، وله ثمان وتسعون سنة. "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٩٦.