للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأيتُه بعد وفاةِ أبي الحسنِ على المنبرِ خطيبًا، استنابَهُ القاضي سراجُ الدِّينِ فيها، وفي الإمامَةِ، فقامَ بهَا أحسنَ قِيامٍ.

وكانَ إذا شَكَى إليهِ أحدٌ ضرًّا أو مرضًا، قال لهُ: قلْ: يا أَوَّلَ الأَوَّلِين، ويا آخِرَ الآخِرين (١)، ويا ذَا القُوَّةِ المتينِ، ويا راحمَ المساكِينَ، ويا أَرحمَ الرَّاحمينَ، سخِّر لِي كذا، واصرِف عنِّي كذا.

فإنْ شكَى فاقةً أو قِلَّةً، قال له: قلْ: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (٢).

ومِن أحوالِهِ: أنَّ المدينةَ حُوصِرَت أيَّامًا، واشتدَّ حالُ أهلِها في التَّضيِيقِ عليهِم والخوفِ من عدوِّهِم، وهو لا يدرِي ما النَّاسُ فيهِ، بحيثُ إنَّ العدوَّ دَخلهَا سَحَرًا، وهربَ النَّاسُ واختفَوا في بُيوتِهِم، ووُجدَ هو قد توضَّأَ وخرجَ إلى المسجدِ، فقِيلَ لهُ: أينَ تُريد؟ فقالَ: المسجدَ، قيلَ لهُ: إنَّ المدينةَ دُخلتْ، وأبوابُ المسجدِ غلِّقَت، فلا يدخلهُ أحدٌ، فقال: إيش تَقولُ؟ فأعادَ عليهِ، فقال: ومَن هؤلاءِ المساكين الذينَ أخافُوا المدينَةَ، وأهلَهَا، ويريدُونَ أن يَمنعُونَا من صلاةِ المسجدِ في جماعةٍ؟


(١) ورد "أوَّل الأوَّلينَ وآخرُ الآخرين" عن علي رضي الله عنه في "مصنف ابن أبي شيبة" ١٥/ ٢٦٦ (٣٠١٣٣) موقوفًا عليه، وفيه راوٍ مبهم.
وعن فاطمة رضي الله عنها مرفوعًا، أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" ٥/ (٨٦٥٦).
(٢) سورة فاطر، آية: ٢.