للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمقبِلُ على الاشتغالِ بذِكِرِ ربِّهِ إلى أن لقيَ اللهَ.

قال: وهو سَيِّدِي وشيخِي وبركتِي، جاورَ بالحرمينِ وانقطَعَ بالمدينةِ مدَّةً طَويلةً على عبادةٍ، وأقرأَ في القرآنِ لِمَنْ يقصدُهُ مِن كبيرٍ وصغيرٍ، يأتِيهم ويَسمَعُ لهُم، ختمتُ عليهِ القرآنَ، وسمِعتُ الحديثَ، وألبسنِي الخِرقةَ (١)، وأمَّ بالمسجدِ النَّبويِّ مدَّةً طويلةً، نيابةً عن جماعةٍ منَ الأئِمَّةِ، فكانَ يُجيدُ القِراءَةَ والخُطبَة. وكلَّ سنةٍ يحجُّ بحَملةِ تاجرٍ اسمُهُ نسيمٌ مجانًا. مع محبَّةٍ في النَّحوِ، بحيثُ يشتغِلُ بـ "الجُملِ" على أبِي عبدِ اللهِ ابنِ فرحونٍ، وقرأَ على أبِي عبدِ اللهِ القصريِّ شَيئًا منْ تآليفِهِ في القراءاتِ.

وسمعتُهُ يَحكِي أنَّهُ أمَّ التزويجَ، ووافَقَ بعضَ النَّاسِ على امرأةٍ، وسلَّمَ إليهِ شيئًا يجهِّزُها إليهِ بهِ، وصارَ كلما قَربَ الدُّخولُ والصُّحبةُ [تَنْفِرُ]، فكيفَ الحالُ بعدَهُ، [قال] فأعرضتُ عنِ التَّزوِيجِ، وقُلتُ لأهلِهَا: رُدُّوا عليَّ متاعِي.

وكان مسكنُهُ في رِباطِ دَكالة (٢) بالحُجرةِ. ماتَ ظنًا في سنةِ خمسٍ وثلاثِينَ وسبعِ مئةٍ (٣)، ودُفن بالبقيعِ، بِجانبِ نورِ المطهَّرِينَ.


(١) خرقة التصوف، ينظر الكلام عليها في: "تلبيس إبليس" لابن الجوزي ص ٣٢١ - ٣٢٢، ٤٤٨، و "الجد الحثيث فيما ليس بحديث" (١٤٣)، و "فتاوى ابن الصلاح" ١/ ٣٧٠.
(٢) رباط دَكّالة: بفتح أوله وتشديد ثانيه بالمدينة المنورة، ينسب إلى بلد بالمغرب يسكنه البربر. "معجم البلدان" ٢/ ٤٥٩.
(٣) في "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٤٦: توفي الشيخُ رحمه الله سنة إحدى وأربعين وسبع مئة.