للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أطرافٌ أربعةٌ، فأخذتَ طرفًا، وأبقيتَ ثلاثةً، فلئِن ابتلَيتَ فَلقد عَافيتَ، ولئنْ أخذتَ لقد أبقيتَ (١). وكان يَسرُدُ الصَّومَ، وإذا كانَ أوانُ الرُّطبِ يثلمُ حائِطَهُ، ثُمَّ يأذن فيهِ للنَّاسِ، فيدخُلونَ فيأكُلونَ ويحمِلُون.

قالَ ابنُهُ هشامٌ: ما سمعتُ أحدًا مِن أهلِ الأهواءِ يذكرُهُ بِشرٍّ.

وقالَ غيرُه: إنَّه لم يدخلْ في شيءٍ مِن الفِتنِ، بل لما فرَغَ مِن بناءِ قصرِهِ بالعقِيقِ وحفرَ بئارهُ، دعا جماعةً وأطعمهُمْ، وقيل له: جفوتَ مسجدَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ: إني رأيتُ مساجدَهُم لاهيةً، وأسواقَهم لاغيةً، والفاحشةَ في فِجاجِهم عاليةً، فكان فيما هنا عمَّا هم فيهِ عافيةٌ.

وكانَ معَ أخِيهِ بمَكَّةَ تسعَ سنين، فلما قُتلَ سارَ بِالأموالِ مِنها، فأودَعَهَا بالمدينةِ، ثُمَّ أسرعَ إلى عبدِ الملكِ، فقدِمَ عليهِ قبلَ وصولِ الخبرِ إليهِ، فأذِنَ له، فلمَّا رآه زالَ عن موضِعِهِ، وجَعلَ يسألُهُ: كيفَ أبو بكرٍ؟ يعني: أخَاه، فقال: قد قُتِل، فنَزَلَ عن سرِيرِهِ وسَجدَ، ثمَّ لما كتَبَ الحجَّاجُ إليهِ أنَّ أخاُه قد خرجَ والأموالُ عنده، كلَّمَهُ في ذلك، فقال: ما تَدَعُون الشَّخصَ حتَّى يأخذَ بسيفِهِ، فيمُوتَ كَريمًا، فلما سَمِعَ ذلك كتبَ إلى الحجَّاجِ أن أعرضْ عن ذلك. ماتَ وهو صائمٌ، وجعلُوا يقولُون له: أفطرْ فيأبى، لكونِهِ كان يسردُ الصَّومَ، في سنةِ ثلاثٍ، أو أربعٍ، أو خمسٍ، أو تسعٍ وتسعينَ، وقيل: سنةَ مئةٍ، وترجمتُهُ محتمِلةٌ للتطوِيلِ، وهو في "التهذيب" (٢) وغيرِهِ.


(١) "التعازي والمراثي" للمبرَّد، ص: ٥٥.
(٢) "تهذيب الكمال" ٢٠/ ١٩، و"تهذيب التهذيب" ٥/ ٥٤٥.