للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد جمَعَ بالحرمِ النَّبويِّ بين الفتوى والتَّدرِيسِ، على مذهبِ الإمامِ الشَّافعيِّ المطَّلِبيِّ محمَّدِ بنِ إِدريسَ، وهجرَ الأهلَ والإخوانَ والأوطانَ، وهاجرَ إلى الحرمينِ الشَّريفينِ طالبًا فيهما ما يقرِّبُهُ إلى الجِنان، وهو سيِّدُنا العبدُ الفقيرُ إلى الله تعالى، السَّيدُ الشريفُ، الحسيبُ النَّسيبُ، الشَّيخُ الإمامُ العلَّامةُ، الأوحدُ القدوةُ الفَهّامةُ، الجامعُ بينَ أشتاتِ الفضائِلِ، والحاوِي لأنواعِ الكمالاتِ ومحاسنِ المسائلِ، بدرُ الأنجُمِ الزَّاهِرَةِ، سلالةُ العترةِ الطاهرةِ، مفتِي المسلمينَ، عمدةُ العلماءِ العامِلينَ، نورُ الدِّينِ أبو الحسنِ، وساقَ نسبَهُ، نزِيلُ المدينةِ الشَّريفةِ على الحالِّ بها أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أدامَ اللهُ بَقاءَهُ وأمتَعَ بهِ آمين. -أنْ أجمعَ له "فَهرسًا" إلى آخرِ ما قالَ.

وماتَ قبلَ إِكمالِه، فبَيَّضَهُ ولدهُ العِزيُّ مُتَمِّمًا لما أمكنه فيه (١)، وقدِمَ مِن المدينةِ إلى مَكَّةَ في رمضانَ سنةَ ستٍّ وثمانِينَ رفيقًا لصاحبِنَا الشَّمسِ ابنِ العمادِ قبلَ وُقوعِ (٢) الحريقِ بالمدينةِ، فسلِمَ مِن هذِهِ الحادثةِ، ولكن احترقَ جميعُ كتُبِهِ، وهِي شيءٌ كثير مِمَّا حَصلَهُ في إقامتِهِ بِها مِن وقفٍ وغيرِه، مع ما كانَ في حوزِتهِ قبلُ مِنها ومِن غيرِه، وانتهزَ حينئِذٍ الفرصةَ، فسافرَ إلى القاهرةِ في مَوسِمِها رفيقًا للمشارِ إليه أيضًا فدخلَاها، ولقيَ السُّلطانَ، فأحسنَ إليهِ بمُرتَّبٍ على الذَّخِيرةِ وغيرِه، بل ووقفَ هو وغيرُه على المدينةِ كتبًا بتوسُّطِهِ بِنفسِهِ وبغيرِه في ذلكَ، ورُسِم بسِعَايتِهِ


(١) طمس في الأصل بمقدار كلمة، والمثبت من "الضوء اللامع" ٥/ ٢٤٧.
(٢) في الأصل: وقوعه، والمثبت من "الضوء اللامع" ٥/ ٢٤٧.