للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مصارِفِها، وكذَا كانَ الأميرُ داود (١) بنُ عِيسَى بنِ عمرَ، شيخُ هوَّارَةَ (٢)، مِمَّن يُعلمُ جَلالتُهُم في ناحِيَتِهم، واتَّفَقَ حجُّهُ فتلقَّاهُ السَّيدُ بالإكرامِ، بِحيثُ كانَ مُعينًا لهُ في انقيادهِ معهُ في صدقَاتِهِ لأهلِ المدينةِ وغيرِها حينَ حجَّ، ووقَفَ كُتبًا كـ "فتحِ البارِي"، وجَعلَ مردَّهَا إليهِ، إلى غيرِ هذَا مِن انقيادِ ابنِ جبرٍ (٣) وغيرِه له في أشياءَ لذلكَ اعتمادًا مِنهُم على عِلمِهِ ودِيَانتِهِ، فترقَّى بهذَا كلَّهِ، سِيما وقد صارَ يوسِّع على كثيرٍ مِن أهلِ الحَرمينِ ومجاورتيهما بما يصلُ إليهِ مِن ذلكَ، وقد اجتهدَ في أنْ يَصرفَ لهُ من الصَّدقاتِ الرُّومِيَّةِ، كالقضاةِ وهو مئةُ دينارٍ غالبًا.

وداخلَ مِن بكوكِ (٤) شيخِ الحرمِ سِيمَا الأميرُ شاهينُ الجماليُّ، ولانَ معهُ حتَّى بلغَنِي وصفُ الأميرِ لهُ بِخبرةِ دُنياهُ وعلمِهِ أو كمَا قالَ، ولكنَّهُ لم يسلَمْ مِن بسبَستِهِ ودنْدَنتِهِ، سِيما مع مشاركةِ كثِيرِينَ لهُ حَسدًا، والمعطِي الله، ولم يكنْ جميعُ هذا مانعًا لهُ عنِ التَّكسُّبِ بنفسِهِ ومندوبِهِ، وربَّمَا عاملَ الشَّريفَ أميرَ المدينةِ معَ قِلَّةِ مصرفِهِ، وكونِهِ ليسَ عِندَه غَالبًا سِوى سرارِي مقتصرًا عليهِنَّ.

وعلى كلِّ حالٍ فهوَ شيخُ أهلِ المدينةِ عِلمًا ونسبًا وعبادةً، وعليه انطبَقَ ما كانَ


(١) داودُ بنُ عيسى بنِ عمر، شيخُ هوَّارة، ممن حجَّ سنة ٨٩٣ هـ، وأحسن لفقراء الحرمين وغيرِهم. "الضوء اللامع" ٣/ ٢١٤.
(٢) الهوَّارة: من قبائل مصرَ، تنتسب إلى عرب الحجاز، وتقيم في مديرية البحيرة. "معجم قبائل العرب" ٣/ ١٢٣٠.
(٣) أجودُ بنُ زاملٍ الجبريُّ، رئيسُ أهلِ نجدٍ، سلطان البحرين والقطيف. "وفاء الوفا" ٢/ ٢٠.
(٤) كلمة غير واضحة في الأصل.