للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والكتابةِ، بِحيثُ ارتقَى عمَّا كانَ يُعهَدُ مِنه، وأمرهُ في ازديادٍ، وتآليفُهُ كثيرةُ التِّعدَادِ، وللمباحَثَةِ والمناظَرةِ قويُّ الجلادَةِ على ذلكَ، طلقُ العبارةِ فيه، مُغرمٌ بِهِ، مع قوَّةِ نفسٍ وتكلُّفٍ فيما يظهرُ لهُ.

ولا زالتْ كتُبُهُ ترِدُ عليَّ (١) بالسَّلامِ، وطيبِ الكلامِ، بل يشافهُ بما هو أعلَى كما كانَ يسمعُهُ من شيخَيهِ المحليِّ والمناوِي، ويستمِدُّ مما لعلَّهُ يقفُ عليهِ مِن تصانِيفِي "كالقولِ البديع"، و"ارتقاءِ الغُرف"، و"مناقب العباس"، و"المقاصد الحسنة"، و"شرح الألفية". ولكنَّ الحقَّ أولَى بِالاتِّباعِ، وإنَّهُ لو أعرضَ عن كثيرٍ من المعارضَاتِ لِشيخِنَا كانَ أوفقَ، وقد استقرَبَهُ الأشرفُ مُضافًا لما عَمِلهُ لهُ في الذخِيرةِ بعنايةِ البدريِّ أبِي البقاءِ ابنِ الجيعانِ (٢) في النَّظرِ على المجمَّعِ بمدرستِهِ، وما بهِ مِن الكتُبِ التي وقَفَها فِيهِ.

ولما قدمَ ابنُ قريبةَ المحليُّ (٣) على عمارةِ المدرسةِ الزَّينِيَّةِ المزهِريَّةِ (٤) كان مِن المعيِّنِينِ لهُ بتدرِيبِهِ، والإحسانِ إليهِ لتَقرِيرِهِ عِندَه أنَّهُ هو المختارُ لمَشيَختِها وغيرَ ذلكَ مِن أمورِهَا، فما كانَ أسرعَ مِن موتِ الوَاقِفِ، ولم يزِد على أن صَارَ هو المتكلِّمَ في


(١) في الأصل: عليه، وهو خطأ.
(٢) محمَّدُ بنُ يحيى بنِ شاكرٍ، أبو البقاء، قتل سنة ٩٠٢ هـ. "بدائع الزهور" ٣/ ٣٦٣.
(٣) عليُّ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ، المعروفُ ابن قُريبةَ، المحلِّي، فقيه شافعيٌّ، مشارك بالعلوم، مولده سنة ٨٥٠ هـ، ووفاته في أول القرن العاشر. "الضوء اللامع" ٦/ ١٨.
(٤) أوقفها زينُ الدينِ أبو بكر بنُ مُزهرٍ الدِّمشقيُّ، الأنصاريُّ، كاتبُ السِّرِّ بالدِّيار المصرية، ماتَ سنةَ ٨٩٣ هـ. "بدائع الزهور" ٣/ ٢٥٥.