للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأمِيرِ خير بك له مُدرِّسَ الشَّافِعيةِ بالمدينةِ بمدرَستِهِ، وكانَ بينَهُما ما بالغَ ذاكَ فيهِ بحيثُ عوجِلَ، وكذا لعدِمِ إغضَائِهِ عما يقَعُ من الفضلاءِ الوارِدينَ على المدِينةِ، وشدَّةِ مُنازعتِهِ لهُم، وقوَّةِ نفسهِ في الردِّ. كان أكثرَهم في حنقٍ مِنهُ.

وأمَّا الخواجَا ابنُ الزّمِنِ فبارَزَهُ في أشياءَ مِنها المحمودُ وغيرُهُ، ثُمَّ كانَ بينَهُ وبينَ الخَطِيبِ الوزيريِّ (١) وأنا هُناكَ ما شرحتُهُ في محلٍّ آخرَ، وردَّ عليهِ السَّيدُ في مؤلفٍ مَتِينٍ قرَّضَهُ له الشَّافِعيُّ وابنُ أبي شريفٍ (٢) وأخُوهُ (٣) وغيرُهم، وهو عِندِي.

ولزِمَ مِن هذِه المنازعاتِ تركُ السَّيدِ الصَّلاةَ في الرَّوضةِ، مكتفيًا لشيخِهِ الإبشيطِي في الجملةِ، بل وتركَ الإقراءَ في المسجِدِ، بل حدَّثَ نفسَهُ بالانتقالِ لِمكَّةَ، ولمتُه في هذَا كلِّهِ، فأبدَى لي ما لم أنهض لمخالفتِهِ فيهِ، ولكنَّهُ على كلٍّ خيرٍ مانعٌ، وحُفَّتِ الجنَّةُ بالمكارهِ.

وبالجملةِ، فهوَ جمالٌ لأهلِ المدينةِ، عالِمٌ متفنِّنٌ متميِّزٌ في الفقهِ والأصلين، مع نظمٍ ونثرٍ، متوجِّهٌ للعبادةِ، وإرخاءِ العَذَبَة (٤)، مُديمٌ للمطالعةِ والاستفادةِ


(١) شمسُ الدِّين الخطيبُ الوزيريُّ، المالكيُّ، كان مجاورًا بمكة سنة ٨٨٢ هـ. "إتحاف الورى بأخبار أم القرى" ٤/ ٦١٥.
(٢) إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ أبي بكرٍ الشافعي، قاضي القضاة، برهانُ الدِّين، ابن أبي شريف. وُلد سنة ٨٣٦ هـ، وتوفي سنة ٩١٣ هـ. "الضوء اللامع" ١/ ١٣٤، و"الكواكب السائرة" ١/ ١٠٢.
(٣) محمَّدٌ، كمالُ الدِّين ابنُ أبي شريف الشَّافعيُّ، عالم بالأصول، مِن فقهاء الشافعية. مات سنة ٩٠٦ هـ. "الأنس الجليل" ٢/ ٧٠٦، و "شذرات الذهب" ٨/ ٢٩.
(٤) عَذَبَة كلِّ شيء: طَرَفُه، يريد: طرف العِمامة. "لسان العرب": عذب.