للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّاصِرِيَّة (١) بأنَّه بالقربِ من الأزلم (٢)، وكان إمامًا عالمًا، مُفتيًا خطيبًا، بَليغًا فقيهًا فاضلًا، حاكمًا مُتورعًا عَفيفًا، عَادلًا صَارمًا، عارفًا بالأحكام، بصيرًا بالمكاتيب وغَوائِلِهَا (٣)، والحكوماتِ ودَقَائِقها، ذا نظمٍ كثير؛ كتَخْميسٍ لـ " البُرْدَة"، بل جمع أشياء منها: "مناسك" كبرى وصغرى ووسطى، وشرحَ قطعةً من "المنهاج" للنَّوويِّ، وجمعَ "ديوان خُطَبٍ"، وحَدَّث، سمع منه الفضلاءُ، وممَّن سمعَ منه: الحافظان العراقيُّ، وابنُه، والهيثميُّ، وآخرون بالقاهرة، والزَّينُ أبو بكر المَرَاغيُّ المدنيُّ، وأبو الحسن ابنُ سَلامَةَ المكيُّ، وروى لنا بالإجارةِ غيرُ واحدٍ، وذكرَه أبو محمَّدٍ ابنُ فَرْحُون في "تاريخ المدينة" (٤) فقالَ: الشَّيخُ الإمامُ، العالمُ الأوحد، وحيدُ دهرِه، ونادرةُ عصرِه، كان حسنةَ زمانِه، قد حازَ الذِّروةَ العُليا، والغايةَ القُصوى في العِلمِ الباهر، والعقلِ الوافر، وحُسنِ الفصلِ للخصومات، مع الجزالةِ والهيَبة، والقيامِ في الحقِّ، حاكِمٌ إنْ قيلَ حاكِم، وقامَ بالخطابةِ والإمامةِ أحسنَ قيام، وانقضتْ تلكَ السَّنةُ كأنَّها أحلام، ثمَّ كانَ العَودُ أحمد، سلك مسلكًا جميلًا، وحقَّق ما كانَ النَّاسُ أمَّلوا فيه تأميلًا، وقامَ بحُرمةِ المنصب، وإقامةِ النَّاموس، ورفعَ شِعارَ السُّنة، وأخمدَ نار البِدعة، وراعى حقوقَ الكافَّة.


(١) عليُّ بنُ محمَّدِ بنِ سعدٍ، علاءُ الدِّين، ابنُ خطيب الناصرية، قاضي فضاة حلب. توفي سنة ٨٤٣ هـ. والناصرية: نسبة إلى المدرسة الناصرية ببيت جبرين الفستق ظاهر حلب من شرقيها، وليس لبيت جبرين بفلسطين. يراجع: "معجم الشيوخ" لابن فهد ١٧٩، و "الضوء اللامع" ٥/ ٣٠٣.
(٢) منزل على طريق الحج المصري، تعرف اليوم بمنزلة دمرا. يراجع: "حسن المحاضرة" ١/ ٣١٩، و "الخطط التوفيقية " ٩/ ٢٦.
(٣) غوامضها وخفاياها ودواهيها. انظر: "القاموس": غول.
(٤) "نصيحة المشاور" ص ٢٢٧.